منذ انطلاقة المهرجان الوطني للتراث والثقافة في عام 1405هـ، وهو يحفل ويحتفل بالكثير من الفعاليات الحضارية، ولعل من أبرزها على الإطلاق تأصيله لقيمة «الحوار» على مختلف المستويات والشرائح الاجتماعية التي تقبل على فعالياته الفكرية والثقافية المختلفة.
المهرجان الوطني، وهو يدلف إلى سنته (25)، حقق إنجازات وطنية كثيرة وساهم في تأسيس البنية التحتية لثقافة «الحوار الوطني»، وساهم بشكل متميز في الدعوة إلى ممارسات حضارية ل»الحوار العربي - العربي» و»الحوار الإسلامي - الإسلامي» بل إنه أسس لثقافة الحوار الإنساني بين مختلف الحضارات والثقافات من خلال تكريس ثقافة الحوار مع «الآخر»، والتعامل الحضاري مع الاختلاف الإيجابي من خلال دعوته لضيف الشرف الذي يتمثل في استضافة نوعية لإحدى دول العالم بشكل سنوي، ولعل الضيف الفرنسي لهذا العام شاهد على تفرد الجنادرية في صناعة الحوار الإنساني الإيجابي، بل إن الكثير من المراقبين لمسيرة الجنادرية يؤكدون أنها أصبحت بوابة لعالم خادم الحرمين الشريفين وشعبه السعودي على العالم بمختلف ثقافاته وحضاراته وأديانه من خلال تاريخ طويل قارب ربع قرن من التفاعل البناء مع دوائر الفكر والثقافة والسياسة، كما أصبح المهرجان الوطني للتراث والثقافة نافذة حقيقية للدخول إلى المشهد الثقافي المحلي بالنسبة إلى المثقفين العرب والغربيين، كما أنه نجح بامتياز في أن يكون واحة حوار جميلة بين المثقفين السعوديين والعرب على مختلف أطيافهم الفكرية، حيث يلتقون ويتحاورون، ويختلفون، كما أن المهرجان بات (فرصة سنوية) للشباب السعودي المتطلع إلى معانقة «الفكر العالمي» من خلال 400 مفكر سيحضرون فعاليات المهرجان لهذا العام.
وقد استبشر السعوديون بما أعلنه الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية نائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان، عن صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - على تبني جائزة عالمية للباحثين والمهتمين بمجال التراث والثقافة على المستوى العالمي تحمل اسم (جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للتراث والثقافة) من خلال جائزتين سنويتين تتمثلان في جائزة الملك عبدالله العالمية للثقافة، وجائزة الملك عبدالله العالمية للتراث، التي اعتبرها الكثيرون أم الجوائز السعودية، والتي سنراها - بحول الله - في الدورة السادسة والعشرين للمهرجان في عامه القادم. الجنادرية لم تنس رواد الحركة الأدبية السعودية في بلادنا الذين تركوا بصماتهم واضحة جلية في مسيرتنا الأدبية؛ فلهم حق كبير في أعناقنا، خاصة من يعيش منهم بيننا، فهؤلاء «الرواد» تاريخ يمشي على الأرض، ولكن مَن يقرأ هذا التاريخ ويستخلص منه مواطن «العطاء» لمسيرتنا الثقافية وتفعيل «منجزهم الثقافي» في حياتنا الفكرية المعاصرة؛ لتكمل صورة الثقافة السعودية في نظر العالم اليوم، ولقد احترف المهرجان الوطني للتراث والثقافة رسم لوحة وطنية سنوية ملونة بألوان «الوفاء» و»التواصل» مع هؤلاء الكبار عندما أبدعت «الجنادرية» في ردم «الفجوة»، وإلغاء «القطيعة» بين روادنا السعوديين وأجيالنا المعاصرة، لضخ «الحياة الفكرية» في جسد ثقافتنا الوطنية من خلال هذا الكرنفال السنوي الرائع الذي يقف خلفه الحرس الوطني، تلك المؤسسة الحضارية التي قدّمت لنا مزيجاً جميلاً من ثقافة الحوار والوفاء لتستمر مسيرتنا الوطنية.
أخيراً، شكراً للأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية نائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان الذي يقف خلف هذا الإنجاز الثقافي السنوي وبقية كوكبة العمل الدؤوب في المهرجان إدارةً ومتابعةً وتنفيذًا.. والشكر موصول لمعالي الأستاذ عبدالمحسن بن عبدالعزيز التويجري نائب رئيس الحرس الوطني المساعد نائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان، على مد الجسور للتواصل مع المثقفين في الداخل والخارج، مجدداً عهدنا بوالده الشيخ عبدالعزيز التويجري - رحمه الله - (الأب الروحي) لمهرجان الجنادرية للثقافة والتراث، والذي نجح - رحمه الله - في خلق (توأمة) فريدة بين التاريخ والتراث من جهة، وبين منجزات الحاضر وإبداعاته من جهة أخرى.