Al Jazirah NewsPaper Friday  19/03/2010 G Issue 13686
الجمعة 03 ربيع الثاني 1431   العدد  13686
 
قصة واقعية أشبه بعالم الخيال!
مسن يموت (قهراً) لحظة القبض على ابنه مدمن المخدرات

 

عالم المخدرات، عالم غريب وعجيب، تحدث في هذا الوسط أشياء، لا يتصورها العقل، لأن المتعاملين مع المخدرات، إدماناً، وترويجاً، وتهريباً، هم في الواقع، يعيشون في عالم منعزل عن حياة الناس الطبيعية، لذا ما يحث في عالمهم، لا بد أن يكون غريباً.وهناك الكثير من القصص التي تروى في هذا الشأن، والتي تستعصي على التصديق، لكنها في واقع الأمر، تكون مدونة في السجلات الرسمية،وضمن سلسلة قصص متعاطي ومروجي المخدرات التي ربما لا يمكن تصديقها إلا لمن شهد تفاصيلها المأساوية، سرد أحد ضباط المديرية العامة لمكافحة المخدرات قصة من حقائق الواقع، بعيدة كل البعد عن قصص الخيال الدرامية، هذه الواقعة ضحيتها أسرة كاملة بسبب إدمان وتعاطي احد أبنائهم لحبوب الكبتاجون المخدر، حيث ورد للمديرية العامة لمكافحة المخدرات بلاغا بتعرض طفل عمره 10 سنوات ووالدته وجده الطاعن بالسن للضرب والتعذيب اليومي والتهديد بالقتل من قبل شاب بالعقد الثالث من العمر «تبين أنه أحد مدمني المخدرات» وقام خال الطفل بتحرير بلاغ للمديرية العامة لمكافحة المخدرات من أجل علاج هذا المدمن وإنقاذ أسرته من شره وبعد مباشرة فرق المكافحة للموقع والذي كان يبعد عن المدينة بأكثر من 15 كيلومتراً، كان المدمن لدية عدد من المواشي فوجدوه داخل سيارة نوع (GMC) موديل قديم محمل بأعلاف الأغنام وعثروا بحوزته على كميات من الحبوب الكبتاجون المخدرة متناثرة وسط كبينة السيارة فيما كان المدمن بحالة غير طبيعية. أمام هذا الوضع، قامت فرقة المكافحة بنقل الشاب من الموقع والتوجه به ناحية المنزل وهو مقيد بالكلبشة، وعندما سئل المدمن أشار إلى أن هناك كمية من المخدرات بمنزلة.ولحظة دخول رجال المكافحة المنزل، كانت الفاجعة والمفاجأة في آن واحد، وحدث ما لم يكن بالحسبان، إذ وجدوا رجلا طاعنا بالسن قد تجاوز عمره الـ(90) عاماً، حالته يرثى لها،وكأنه هيكل عظمى، يكاد الدم يتوقف في عروقه، من شدة التعب والإهمال، ويبدو وجهه شاحبا من آثار السنين وعدم العناية من ابنه العاق، الذي لم يكتف بعدم البر بوالده، بل كان يتمادى في عصيانه وعقوقه ليل نهار، ولم يرحم كبر سنه ولا شيخوخته، فقال لابنه وهو يحدق بعينيه الجاحظتين : هذه نهايتك يا (فلان) ناداه باسمه وهو منكسر، وكررها الأب على ابنه ثلاث مرات وفي كل مرة يقول له هذه نهايتك ونهاية كل شخص يسلك هذا الطريق الأسود وعيناه تذرفان الدمع، والحرقة تبدو في حلقه، وصوته المتحشرج، ويشير المنظر إلى أن دواخله تحترق، وأحشاؤه تتمزق، وهو يرى ابنه، وثمرة فؤاده، يرسل إليه سهام الموت البطيء، عقوقا وعصيانا، وأذى نفسيا، وفضيحة، ولم يكن الأب المغلوب على أمره يصدق عينيه، وهو يرى رجال المكافحة يقتحمون منزله، ليس بسبب جناية ارتكبها، ولكن بسبب ابنه المدمن العاق.

ظل الأب مندهشا، ومنكسرا أمام رجال الإدارة العامة للمكافحة، وهو ينظر إلى ابنه ويداه مكبلتان بالحديد، وظل يكررها حتى تلعثم لسانه، وتوقفت أنفاسه، وتعطل نبض القلب بين حنايا صدره، وتوفي الرجل بين يدي الواقفين، وأسلم روحه الطاهرة لبارئها،أمام ضباط وأفراد المديرية العامة لمكافحة المخدرات، الذين تأثروا كثيرا بموقف هذا الرجل البريء وهو يدفع ثمن انحراف ابنه، ويسدد فاتورة إدمانه، ليس من جيبه، بل من صحته وسمعته، وأخيرا من عمره، وتحول المنزل لغيمة حزن واسعة، واندهش الجميع ولسان حالهم يقول ليتنا لم نشاهد هذا المنظر المحزن.هذه واحدة من قصص النهايات المأساوية، ليس للمدمنين وحدهم، بل لذويهم الذين يسهمون في دفع ثمن هذا الجنوح، ويقتسمون فاتورة الضياع مع أبنائهم،لأن الإدمان لا يترك لمن يقع فيه مجالا للتفكير في النتائج أو ما يمكن أن يحدث نتيجة هذا السلوك الانتحاري الذي تسببه هذه السموم القاتلة لكل من يقع ضحية لها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد