الوظائف في المؤسسات الخدمية التي تتطلب احتكاكا مباشرا مع الجمهور ومتلقي الخدمة، تتطلب لياقة ولباقة شخصية مرتفعة، بل وتحتم على مقدم الخدمة أن يتمتع بمهارات سلوكية خارقة قادرة على تحييد الانفعالات الشخصية والآراء والانطباعات الخاصة، ولا سيما أنه في حال مواجهة دائمة مع تباين الأمزجة والحالات النفسية وتنوع الخلفيات الثقافية.
من هنا تبدو الخطوة الإيجابية التي اتخذتها إدارة الجوازات في سبيل تأهيل وتدريب موظفيها من خلال بعثات متتالية إلى عدد من الدول المتقدمة؛ بهدف رفع مستوى منسوبيها في الجوانب اللغوية والإدراكية (بحسب ما نشرته جريدة الشرق الأوسط يوم السبت الماضي) خطوة كبيرة ومتميزة من إدارة الجوازات (بوابتنا الأولى) ولا سيما أن الخبر خالطه الكثير من الوضوح والشفافية، حيث اعترف مصدر مسؤول في الجوازات بافتقاد بعض الموظفين للدبلوماسية في التأهيل، وعن سعي الجوازات إلى خلق أسلوب حضاري ومتميز في التعامل عند منافذ العبور.
وان كنا سابقاً نرجع قضية الخشونة والاستهتار اتجاه متلقي الخدمة إلى جزء من ثقافة صحراوية جافة لا تبالي كثيرا بقيم العمل وشروط الانضباط، ولكن هذا لا يمنع أن نبارك الآن الخطوة التي اتخذتها إدارة الجوازات في بقعة يؤمها سكان العالم بكثافة لوجود المشاعر المقدسة بها أو للأعداد الهائلة من الخبرات والأيدي العاملة التي تتطلبها طفرة اقتصادية مرتقبة.
وكم نأمل أن تمتد تلك الدورات التأهيلية إلى ما جاورها حيث موظفي الخطوط الأشاوس، الذي يمررون إحساسا لمتلقي الخدمة بأنه هو السبب الرئيس لحالة الطفش والملل التي يكابدونها, وأنه السبب في تخلفهم عن اللحاق ب(صكة البلوت) في الاستراحة أو كشتة البر أو جلسة هانئة أمام الفضائيات، إضافة إلى الأحاديث والتعليقات التي يتبادلونها بينهم من خلف الكاونترات، وكأنهم في مقهى وليس على رأس العمل وبين أيديهم حقائب وأوراق صفوف من المسافرين، ولكن لعل عملية التخصيص التي ستطول الخطوط السعودية ستجعل الأوضاع تتغير وتدخل الخطوط السعودية المترهلة الكسول مرحلة التنافسية وشروط الجودة، وبالتالي يصبح بإمكاننا كمتلقي خدمة أن نرى البشاشة والاحترام ونسمع كلمة (شكرا لاتصالك) التي بتنا نسمعها من شركة الاتصالات بعد تخصيصها.
نتمنى أن نصل إلى مرحلة ذلك البرود المهذب والابتسامة العملية التي يقدمها موظف الجوازات في أنحاء العالم، أو أن تكون عدد من فتياتنا المدربات المؤهلات قادرات على أداء هذا الدور كما هو الحال في عدد من دول الخليج المجاورة، مع يقين بأن أي مكان توضع به المرأة لا بد أن يأخذ طابع الرفق واللباقة والدماثة.
خطوة إيجابية تحسب لإدارة الجوازات في بوابتنا الأولى للعالم.