Al Jazirah NewsPaper Monday  15/03/2010 G Issue 13682
الأثنين 29 ربيع الأول 1431   العدد  13682
 
«الجزيرة» في كواليس البعثة الشبابية في طشقند
تركيز وانضباطية.. وروح قتالية قادت الليوث إلى فوز ثمين على باختاكور

 

تقرير - سامي اليوسف :

الكبير هو من يمتلك الإرادة والعزيمة، يقف بشموخ وكبرياء الواثق بعد أية عثرة، لأنه يزداد صلابة وإصراراً على بلوغ الطموح، وهكذا كان الشباب في موقعة طشقند أمام باختاكور.

تحدى رجال الليث كل الصعاب، تحدوا الإصابات التي فتكت بصفوفهم، وأسقطت رجالهم واحداً تلو الآخر، وتحدوا الطقس البارد، وخشونة الأوزبك وضربهم، والحكم الياباني توجو مينورو ضعيف الشخصية، والذي أدار المباراة وفق أهواء أوزبكية بعيداً عن نص وروح القانون، وأخيراً.. تحدى الحارس الشجاع أشعة الليزر التي كانت تسلط عليه بين الفينة والأخرى للتشويش عليه، والإضرار بعينيه.

لعب الشباب موقعة باختاكور ناقصاً (8) عناصر أساسية دفعة واحدة، عبده عطيف، ناصر الشمراني، نايف القاضي، عبدالله شهيل، طارق التايب، زيد المولد، عبدالعزيز اليوسف وتأكدت إصابة الكويتي مساعد ندا قبيل انطلاقة المباراة بـ(24) ساعة.. وكل لاعب من هؤلاء الثمانية له ثقله النوعي، وتأثيره النفسي.

ولعب الشباب بـ(5) عائدين للتو من الإصابة وهم: فلافيو، سند شراحيلي، ماجد العمري، عبدالعزيز السعران.. والنجم الشجاع هادي يحيى (19 عاماً).. ولك أن تتخيل إن كنت تدرك خبايا كرة القدم من الناحية الفنية كيف يؤثر إشراك لاعبين جدد على خارطة الفريق الأساسية في مواجهة حاسمة ومصيرية!

والأهم من ذلك كيف يكون تأثير إشراك لاعب شاب مثل هادي في مركز حساس ومهم في مباراة أمام فريق مثل باختاكور وجماهيره في نزال آسيوي مثير؟.. لكن المدافع الشاب، وهو بالمناسبة كابتن فريق الشباب، كان في الموعد تماما، وكان موضع ثقة واعتزاز مدربه الذي غامر به.

المناورة

وضح جليا من معالم المناورة الرئيسة التي أجراها المدرب باتشيكو عصر الخميس الأخير قبيل السفر إلى طشقند أنه قرأ طريقة لعب الفريق الأوزبكي جيدا، وحفظها عن ظهر قلب، وعرف مكامن القوة وبواطن الضعف، فلجأ إلى إحداث طريقة وتشكيل جديدين في مواجهة باختاكور.

شاهدت في المناورة اعتماد الشباب على عامل السرعة في نقل الكرة والارتداد والتغطية، وكيف أن المدرب أوعز للاعبيه المدافعين بضرورة التقدم للأمام إلى ما يقارب خط المنتصف، وتضييق المساحات وجاءت مشاركة سند شراحيلي العائد إضافة قوية للدفاعات الشبابية خاصة في الجهة اليمنى كون الفريق الأوزبكي قوته تكمن في الجهة اليسرى لديه.

لكن الفريق تعرض لضربة موجعة بإصابة مهاجمه الأنجولي فلافيو الذي شعر بالتواء في مفصل قدمه، وغادر المناورة.

الصدمة

يقول كابتن الفريق اللاعب «الدينمو» أحمد عطيف لقد عشنا لحمة قوية، وكأننا أسرة واحدة بالفعل منذ أن وطأت أقدامنا العاصمة الأوزبكية، وقد جاءت الأيام الثلاثة التي سبقت المباراة لتزيد من ترابطنا، وتماسكنا، ولكن ثمة أمر وقع هناك - يقصد طشقند- زاد من إصرارنا ومسؤوليتنا، وشعر على وقعه بالعزيمة، وأذكى لدينا الروح القتالية.

وعندما سألته عن هذا الحدث، أجابني: «أقصد إصابة زميلي مساعد ندا»، فالمحترف الكويتي الذي تعاقد معه الشباب كمحترف رابع يشارك في الاستحقاق الآسيوي تعرض في التمرين الذي سبق المباراة بيوم إلى إصابة شخصها طبيب الفريق على أنها تمزق، وبالفحص في اليوم التالي تأكد غياب ندا، لتزداد الأمور سوءاً.

لكن وقع إصابة ندا في نفوس لاعبي الشباب جاء مختلفا عن قراءتنا كمراقبين وإعلاميين، فاللاعبون شعروا بالحافز الأكبر الذي يصنع الفارق، ويدفعهم إلى تحقيق فوز ثمين.

السر

ولعل ما أضفى على أجواء المعسكر الشبابي راحة مهمة هي تواجد طباخ النادي إلى جانبهم، حيث رأت إدارة البعثة الشبابية أهمية سفره مع الفريق، وبالفعل أسهم هذا القرار بتوفير أجواء إيجابية لدى اللاعبين بعد أن شعروا بأن نوعية الأكل سوف لن تختلف عليهم.

إلى جانب ذلك انتهج الجهاز الفني نظام تغذية محدد، وقبل هذا.. وذاك، كان الحرص الشديد من قبل أفراد البعثة خصوصا باللاعبين على أداء فروض الصلاة جماعة بدءا بصلاة الفجر عاملا مهما في ازدياد الراحة النفسية لديهم، والشعور بمزيد من الطمأنينة.

مغامرة

بعد تأكد إصابة مساعد ندا عادت التحضيرات الفنية للمباراة إلى المربع الأول، وتسارعت الأحداث في المعسكر الشبابي، واحتار المدرب بين ثلاثة خيارات، تغيير طريقة لعبه بإرجاع شراحيلي إلى متوسط الدفاع، أو إشراك المدافع ماجد العمري، أو الزج باللاعب الشاب هادي يحيى (19) عاما في مباراة هامة ومصيرية وذات طابع تنافسي، وبحضور جماهيري كبير.

حيرة باتشيكو لم تدم طويلا، واختار المغامرة بالمدافع الواعد هادي يحيى، وعقب اتخاذه القرار أخطر رئيس النادي خالد البلطان بقراره، وهو يتوقع أن يجد مقاومة أو رفضاً لهكذا قرار، لكنه تفاجأ بردة فعل الرئيس الذي أيده تماماً لثقة الثنائي بإمكانات هادي وثقته بنفسه.

بعدها تحول المشهد الشبابي في فندق ماركزي بالعاصمة طشقند إلى مظاهر تأييد، وتشجيع للاعب هادي من قبل زملائه اللاعبين خاصة أصحاب الخبرة، لبث روح الحماسة، والثقة في نفسه.

وتواكب هذا التشجيع مع إبلاغ الجهاز الطبي للمدرب بجاهزية فلافيو ليتنفس الجميع الصعداء، فالأنجولي لديه خبرة المباريات التنافسية، والجماهيرية، ولديه حضوره اللافت كهداف خطر.

اجتماع

قبيل تحرك حافلة الفريق الشبابي إلى ملعب بختاكور بسويعات قليلة على موعد انطلاقة المباراة، عقد المدرب اجتماعه الأخير مع اللاعبين لشرح بعض النقاط الرئيسة، وتذكير كل لاعب بالمهمة المنوطة به، بعدها عقد رئيس النادي اجتماعاً استثنائياً مع اللاعبين بحضور مدير الفريق خالد المعجل فقط دون المدرب وأفراد الأجهزة الفنية والإدارية والطبية، وذلك في قاعة الاجتماعات في الفندق.

حديث رئيس الشباب مع لاعبيه خرج من القلب، فوصل إلى قلوب اللاعبين مباشرة، وكان كافيا لإذكاء الروح الوطنية لديهم أولا، وتحقيق مزيد من الشعور بالمسؤولية، وإضفاء روح تفاؤلية.

يقول خالد البلطان: «قلت لهم بالحرف: الرجال يظهرون في وقت الشدائد، والفريق يمر بظروف عصيبة، لا تدعوها تهز ثقتكم في أنفسكم، أنتم تمثلون الوطن، طبقوا ما سبق شرحه لكم من قراءة فنية للمباراة وستفوزون، واستشهدت بأحداث مباراة الاتحاد وذوب أصفهان الإيراني للتأكيد على وجوب أهمية مواصلة العطاء بنفس الرتم والتركيز والروح القتالية على مدار الشوطين».

ويضيف: «داعبتهم بقولي: وليد سيؤمن لكم نقطة، وأنتم عليكم النقطتين، رأيت الفوز في أعينهم، وشعرت بأنني أستند على رجال بالفعل».

السفراء

في منصة ملعب باختاكور المركزي جلس إلى جوار الرئيس الشبابي سفراء المملكة العربية السعودية، والأردن، والكويت والقنصل الإماراتي.

يقول الرئيس الشبابي: «شعرت حينها بالسعادة لمؤازرة سفير بلادي واهتمامه وتواجده إلى جانبي، واعتزازي باللحمة الأخوية من سفراء الكويت والإمارات والأردن، ودعوت الله أن نوفق بالفوز لنقدمه هدية لهم».

ويجدد تأكيده بأنه وثق بالفوز عندما أحرز فلافيو الهدف الثاني، «أدركت عندها بأن الفوز شبابي لا محالة».

ولكن الشبابيين عقدت ألسنتهم الدهشة وهم يرون الحكم الرابع يرفع لوحة الوقت بدل ضائع والرقم (8) يظهر مكتوبا عليها!

يقول خالد المعجل مدير الفريق الشبابي: «لا أخفيك بأنني غضبت كردة فعل سريعة، وكأن الحكم أرادنا أن نلعب شوطاً إضافياً، لأول مرة أشاهد وقت بدل ضائع بمثل هذا التقدير، لكنني هدأت وبدأت في توجيه اللاعبين بالهدوء، ولعب كرتهم لأنني كنت واثقاً من الفوز، وبأننا سوف نسجل هدفاً ثالثاً من كرة مرتدة، وصدق حدسي».

وكان سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين في أوزبكستان منصور بن إبراهيم المنصور قد هنأ اللاعبين في حجرة الملابس الشبابية عقب المباراة، ولاقت بادرة سعادة السفير صدى طيباً في نفوس الشبابيين.

الداعم

قبل الختام لابد من الإشارة بقوة إلى الموقف الداعم، والاهتمام المتواصل للرئيس الفخري لنادي الشباب صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان الذي سعى إلى توفير أجواء النجاح من خلال توفير سموه لطائرة خاصة تقل البعثة الشبابية إلى طشقند، وتعود بها عقب المباراة مباشرة تأهبا لمواجهة الهلال اليوم، فقد كان ذلك العامل الرئيس في خلق جو عام من الارتياح والتركيز على المباراة.

الطائرة الخاصة لم تكن الوقفة الداعمة الأولى من سموه، ولن تكون الأخيرة، فقد سبق لأنجاله أصحاب السمو الملكي الأمراء: فهد وعبدالله وسلمان شراء تذاكر دخول الدرجة الموحدة لمباراة الشباب الأولى أمام فولاذ سباهان أصفهان الإيراني بالرياض في الجولة الأولى من دوري أبطال آسيا.

لقطات

* الانضباطية والتركيز والسرعة والروح القتالية كانت الصفات الغالبة على الأداء الشبابي في المباراة، ولذلك قررت الإدارة مضاعفة مكافأة الفوز إلى (20) ألفاً لكل لاعب.

* عبدالعزيز السعران لم يسلم من أشعة الليزر خلال تلقيه العلاج قبل خروجه، وقبله الحارس الأسد وليد عبدالله، والسؤال العريض: هل دون مراقب المباراة ليزر جماهير باختاكور؟ وما موقف لجنة الانضباط بالاتحاد الآسيوي؟

* الكابتن الغائب.. الحاضر اللاعب عبده عطيف قال عقب الفوز الكبير: « أحب أبارك للجماهير الشبابية على الفوز، والمستوى الرائع من أخواني اللاعبين الذي شرفوا فيه الكرة السعودية، وأطالب الجماهير بالوقوف مع الفريق خلال الفترة القادمة كما عودونا على الدعم، والوقوف خلف اللاعبين».

* قام الأمين العام للنادي عبدالله القريني بمبادرة تستحق الإشادة باستقبال البعثة بالورود مع مجموعة من الجماهير لحظة الوصول في مطار الملك خالد الدولي.

* نجحت الإدارة في تهيئة اللاعبين النفسية للمباراة.

* ما زال التحكيم في شرق القارة الصفراء يقود بطولات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم إلى الوراء في ظل تكليف حكام أصحاب مستويات مهزوزة، وشخصية ضعيفة لا تستطيع السيطرة على المباراة، بل تزيد من درجة صعوبتها.

* لعب الشباب بـ(4) قلوب دفاع في الدقائق الثمان الأخيرة بالإضافة إلى ظهيري الجنب ليصبح عدد المدافعين (6) لاعبين..!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد