Al Jazirah NewsPaper Monday  15/03/2010 G Issue 13682
الأثنين 29 ربيع الأول 1431   العدد  13682
 
مستعجل
عبد الرحمن السماري
(كومار).. في الجامعة..!!

 

منذ سنين.. والناس.. كل الناس.. تتحدث عن أثر العمالة الوافدة وآثارها الاجتماعية.. وبالذات.. العمالة التي تعمل في المنازل.. من خدم ومربين وسائقين وطباخين.. إلخ.

وهناك دراسات وأبحاث أيضاً.. بل هناك كتب.. كلها تتحدث عن آثار هذه العمالة على الفرد والمجتمع.

الخادمات داخل المنازل.. استلمن دور الأم.. وأكثر الأمهات.. ما بين مشغولة بأعمالها والتزاماتها الأخرى.. وبين أم كسولة أو لا مبالية.. ضيَّعت صغارها ما بين النوم وكثرة الخروج والاستهتار بهذه الرسالة الخطيرة.

واليوم أيضاً.. أكثر الأطفال متعلقون بالخادمات أكثر من تعلقهم بأمهاتهم.. وهذا شيء خطير للغاية.

أما الأخطر من ذلك.. فهم السائقون الذين احتلوا دور الأب في تصريف شؤون الأبناء والبنات خارج المنزل.. وصاروا.. هم كل شيء.. والأب مشغول ما بين عمله وبين الخروج مساء.. إما لقضاء حوائجه.. أو لارتباطه ببشكة يجمعهم.. استراحة أو ملحق أو خيمة أو أي تجمع آخر..

لو ذهبت صباحاً للمدارس.. لوجدت أن نسبة من يوصله أبوه للمدرسة.. لا يتعدى (10%) والباقون.. كلهم سائقون..

ولو ذهبت لكليات البنات.. ستجد نفس النسبة أو أقل.. فالسائق.. هو المعني.. وهو المسؤول.. وهو كل شيء في هذه المسألة.. لأن الأب.. ما بين غائب لأي سبب.. وبين (مضيع) لأموره.. ومستهتر بهذه المسألة الخطيرة.

وقبل أيام.. صادفت موقفاً.. ربما لا يحمل غرابة.. ولكني آثرت نقله هنا..

لقد كنت في مكتب معالي مدير الجامعة.. وفجأة دخل علينا سائق آسيوي.. ربما هو باكستاني أو أفغاني.. لا أدري.. وهو يرتدي الملابس السعودية.. وفي كامل كشخته و(مرازيمه) ونظارته السوداء.. وبيده أكثر من خاتم.. وكل من في المكتب.. بمن فيهم.. المدير نفسه (فَزَّ) لهذا الرجل الكشخة..!!

دخل علينا ومعه أوراق طالبة جامعية يراجع لها.. وعندما سُئل عن بعض الأمور قال.. إن الطالبة معه في المواقف وسيرجع لها.. بمعنى.. أنه جاء.. هو وهذه الطالبة الجامعية ليراجع لها، ويتولى أمورها ويتنقّل ما بين أقسام الجامعة وكلياتها.. ومعه ملف هذه الطالبة.. والمسكينة تنتظره في المواقف داخل السيارة وهو يراجع لها.. ويراجعها ما بين مرة وأخرى.. وربما يكفيه الاتصال الهاتفي أحياناً.. وهو أيضاً.. يتولى كل أمورها ثم يعود بها إلى المنزل.

هذا الآسيوي الغريب في كامل كشخته.. حتى حذاؤه آخر موديل.. ويلمع باللون الأبيض.. وينطق اسم (لطيفة.. وهيا.. ورقية)، بل ينطق اسم الدلع (النُّوري) أحسن من نطقنا لهذا الاسم.. ويجيد الابتسامة الرائعة و(الكعكعة) أكثر من أي ممثل محترف.

وعندما سألنا عن هذه الطالبة.. وجدنا أنها ليست يتيمة.. وليست مقطوعة من شجرة.. بل لها أب وخمسة إخوة.. وكل واحد (يطمر الجروف).. بمعنى.. أنه كالحصان نشاطاً وقوةً.. وكلهم موجودون داخل الرياض ولكن السيد (كومار) كان نائباً عنهم في تصريف شؤون البنات فهو السائق.. والمعقّب.. والمراجع وهو كل شيء.. والأب.. مشغول.. أو نائم.. وهكذا الإخوة.

هذا الموقف كما قلت.. ليس جديداً.. ولا غريباً.. بل هناك مواقف مماثلة.. ومن لم يصدق.. فليقف أمام كليات البنات ويشاهد الطالبات وهن ينزلن من السيارات.

هذه مشكلة كبيرة جداً.. وهذه قضية تعد ظاهرة اجتماعية خطيرة تستحق الدراسة والتأمل والبحث عن حلول.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد