الحمد لله القائل في كتابه{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} وأصلي وأسلم على خير من واراه التراب والقائل: «أكثروا ذكر هادم اللذات» رواه الترمذي وحسنه.
بدايةً نحمد الله على قضائه وقدره على كل حال، ففي هذه الدنيا كل يوم نرى راحلاً ولكن ما الذي يبقى بعد هذا الرحيل ؟ فمنهم من ننساه سريعاً، ومنهم من تبقى ذكراه على مر الأعوام والأجيال، فالرجال الذين يملكون تلك الصفات وتخليد الذكرى بعد رحيلهم بالخير تجد لهم قدرا عظيما في نفوس الآخرين وهم أحياء فإنه يزداد قدرهم بعد مماتهم، أولئك الذين يسعون إلى نفع الناس بعلمهم أو مالهم أو جاههم، كما هو حال فقيدنا رحمه الله رحمةً واسعة.
فإن القلب ليحزن والعين لتدمع وإنا على فراقك يا أبا عبدالله لمحزونون، الشيخ محمد بن عبدالعزيز الرواف -رحمه الله- لم يكن شاغله رئاسة مركز عرقه فقط، ولكن كان همه مساعدة الفقراء والمحتاجين والأرامل.
ذاك الرجل صاحب البيت العامر والقلب الحنون والأب للصغير والأخ للكبير مشاركاً لجميع أهالي عرقه بأفراحهم وأحزانهم وطارقاً لبيوت الفقراء مهتماً بشؤونهم.
لقد كان يجود في سبل الخير في جميع المجالات، كما رأيت هذه المواقف بأم عيني ومع تعامله الأخوي مع والدي -رحم الله الجميع-، فنعم الأخوة في الله، فلم يذهب إليه طالباً لبناء مسجد أو ترميمه أو بمد يد العون للفقراء إلا ولبى ورحب بسعة صدر بطلب والدي.
نعم، تلك المساجد التي تكفلت ببنائها سوف تشهد لك عند الله، وتصديقاً للحديث الشريف أن يبنى لك بها بيت في الجنة، وتلك الخيمة المفتوحة طوال شهر رمضان والعامرة بألذ وأطيب الطعام خير شاهد على أهليتك للخير وحبك للمساكين والفقراء. فهنيئاً لك تلك الصفات، سائلاً ربي أن يكتبها لك في ميزان حسناتك.
وكما أعتقد جازماً بأني مهما كتبت عنه فلن أوفيهُ حقه، ولكن كما جزم قلمي أن أسطر هذه الكلمات لمثل هذا الرجل، وما رأيناه في تشييع جنازته من حضور الآلاف للصلاة عليه ما هو إلا دليل على محبة الله له فمن أحبه الله أحبه الناس، نسأل الله أن يغفر له ويجمعنا وإياه في مستقر رحمته، ونسأله سبحانه أن يعلي درجته مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، ونسأل الله أن يجبر مصابنا جميعا.
- عرقه
مساعد مدير إدارة معهد الملك عبدالله للبحوث والدراسات الاستشارية