Al Jazirah NewsPaper Monday  15/03/2010 G Issue 13682
الأثنين 29 ربيع الأول 1431   العدد  13682
 
أثر الجوائز في النفس البشرية
د. علي بن محمد التويجري

 

لا ينكر أحد اليوم أو فيما مضى من تاريخ البشر منذ دبت قدم على هذه الأرض، أثر الجوائز في النفس البشرية بجانبيها المادي والمعنوي..من يجيل ذاكرته أو يمد بصره وفكره في القرآن الكريم فإنه سيجد أمر الجائزة مقرر في آياته من رب العالمين..

أما شروط نيلها.. ففيما يتناوله الدعاة واضح..

فما الجنة فيه إلا جائزة رصدت للمتقين بعد حساب دقيق وعرض للتسجيلات لما يعرفه الناس عن الناس.. وما لا يعرفونه مما يمكن أن تشهد به الأيدي والألسنة والجلود..

ف.. (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ) ولذلك شروط..

وتفاصيل الجائزة والجوائز لاحدّ لروعتها.. (مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ).. و.. {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ} والدعوة لنيل الجائزة والتحريض للفوز بها.. تتوزعه السور والآيات.

وجوائز الاستشهاد والعمل في سبيل الله دائبة الأثر في نفوس المسلمين تتصل بوجدانهم فتحرك من القلوب ما تحرك بدرجة أو بأخرى..

وكل هذه جوائز.. تأجل استلامها عند ربك ليوم البعث وبعد الحساب.

وفي افتتاحية التاريخ الإسلامي سطرت أروع الكلمات تحث الناس جميعاً على تقديم الجوائز لأهل العلم وهل أدل على ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: (سيأتيكم أقوام يطلبون العلم، فإذا رأيتموهم فقولوا لهم: مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فأفتوهم.. أي أعينوهم وأرضوهم، وحتى ليقال في موقع آخر: إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم.

فهل يدرك الذاهبون إلى مدارسهم والآيبون من جامعاتنا من أبنائنا وبناتنا الأحبة هذه المكانة ويقبلون على علومهم تحوطهم البركة.. ويدفعهم الشوق للتزود بالعلم خدمة لدينهم وأمتهم.. بما يتجاوز الرغبة في النجاح في الامتحانات.

تعالوا ننظر.. كيف نتشارك اليوم في إحياء هذه السنة الحميدة في مجتمعاتنا.. وأنتم أحفاد الكرماء الذين كانوا يتسابقون زمن الجدب وقلة الدراهم على ضيافة الحجيج وسقايتهم ورعايتهم.. ربما قبل الإسلام.

كيف نؤجج التنافس للتفوق العلمي.. في كل بيت من بيوتنا.. وفي كل حي إذ يتبارى مع الحي الآخر.. أعتقد أولاً أن كل بيت من بيوتنا.. وكل عائلة صغيرة أو كبيرة غنية أو فقيرة.. أقول: إننا يمكن أن نشعل التنافس في بيوتنا برصد الجوائز اللطيفة الجذابة للأبناء.. لمن يحفظ الآيات ويشرحها ويطبقها سلوكاً.. لمن يردد عيون الشعر فيحسن إلقاءها.. لمن يحفظ أكبر عدد من مفردات اللغات الأجنبية لمن يتعلم (لغة الحاسوب) ويعلمها للآخرين.. وهكذا لآخر مدى يمكن أن تبتدعه.. كل عائلة ورب أسرة في هذا المجال التنافسي المحمود.

أما المقتدرون وكبار الأغنياء من التجار والزراع والصناعيين.. فإنهم يمكن أن يرصدوا جوائز بأسمائهم مقتدين بالسنن الحسنة في مجتمعاتهم.. بحيث يمدون المتفوقين من أبنائنا وبناتنا في الابتدائي والمتوسط والثانوي والجامعة بالجوائز.. خاصة أولئك الذين يجمعون بين التفوق ويشهد لهم بحسن الخلق والمحبة لدينهم وأمتهم.

إنه لا يشترط أن تكون الجوائز مالية، وإن جاز أن تكون.. إننا يمكن أن نبدع في أنواع الجوائز بإهداء مكتبات منتقاة للفائزين، ودوائر المعارف الثمينة مترجمة وغير مترجمة ومعاجم اللغات وكذلك ترجمات القادة والنابهين والأئمة المتقين من كل العصور والأجناس وقد تحرك الجوائز الإقبال على فروع العلوم التي يقل الإقبال عليها وتشتد حاجة الأمة إليها كالرياضيات وعلوم الحاسب ويمكن أن تكون الجوائز هنا بإهداء أجهزة الحاسب للمتفوقين وإلحاقهم بمراكز التدريب على نفقة صاحب الجائزة.. وربما يتقدم المانحون للجوائز بالابتعاث للمتفوق على نفقتهم.

إنني أعلم أن كثيراً من أهل الخير يحتارون أحياناً في كيفية اختيار أفضل السبل لإنفاق المال الذي يريدون إنفاقه ولو أنهم اتجهوا كلٌ في الحي الذي يسكنه لأقرب المدارس والمعاهد إليه فرصد لأبنائنا جائزة أو أكثر.. إذن لأصبح كل حي من أحيائنا يتنافس فيه الأفراد والعائلات في أرفع مجالات الخير والعمل العام ولعاد ذلك على أوطاننا وشعوبنا بالخير العميم.

ومن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد