في بريدة ولد العم: إبراهيم بن حمد بن علي الحميدة آل أبو عليان، وفي سنة (الرحمة) والتي مات فيها الكثيرون من الناس في نجد، وقد توفيت والدته وهو لم يتجاوز الست شهور، وفي بريدة تعلم من مبادئ التعليم الأولية ما يقيم به صلاته وشعائر دينه، ولكنه تعلم من مدرسة الحياة فقد انطلق يجوب الفيافي والقفار مع قوافل (العقيلات) التجارية وذرع بلاد العراق والشام وفلسطين في رحلات شدت من عوده، ثم عمل بعض الوقت في منطقة حائل ثم توجه إلى الرياض ولم يطل مقامه فيها ثم يمم وجهه إلى المنطقة الشرقية وعمل في (أرامكو) بضع سنين وأكسبته هذه التجربة النظام وإتقان العمل، كما أجاد بعض الكلمات والمصطلحات الإنجليزية والتي شكلت إضافة إلى معلوماته ومعارفه العلمية والعملية.
|
ثم قضى شطر عمره في محافظة طريف بل كان من المؤسسين لها ومارس صنوفاً متعددة من التجارة والبيع والشراء وعُرف عنه نزاهة اليد والعرض والأمانة وإنظار المعسرين قال تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} وقال صلى الله عليه وسلم :(من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم القيامة). ثم في أواخر عمره جاء إلى الرياض ثم تتابعت عليه الأمراض نسأل الله أن تكون تطهيراً له، وفي الرياض توفي - رحمه الله - وله ذرية ميامين نجباء وهم: م.د. محمد قسم المشاريع البحرية في أرامكو، أ. عبدالله موجه تربوي بمحافظة طريف وله نشاط دعوي وخيري هناك ويمارس التجارة، علي فني قوى كهربائية في شركة الكهرباء بالرياض.
|
ولن أستطيع الإحاطة بحياة رجل حنكته التجارب وقد قاربت القرن وقد انتدب ابنه النسيب عبدالله نفسه لتدوين سيرة والده في كتاب وهذا من بره به.
|
وقد ختم عمي حياته بالشهادتين ولله الحمد، أسأل الله أن يحسن خاتمتنا جميعاً.
|
وله من طيب الخلال والصفات رحمه الله: سلامة الصدر وعدم حمله للغِل وهذا ما انعكس عليه في عدم خوضه في أعراض الناس، كما يتصف بالحكمة وسداد الرأي وذلك لقلة كلامه إلا فيما يفيد، ومن صفاته العصامية والعزيمة والصبر، والتواضع فكان يقول لي: أنا ولله الحمد لم أدرك المشاق الحقيقية التي أدركها الأوائل من آبائي وأجدادي، رغم الصعوبات التي كان يواجهها والتي ربما هددت حياته وذلك في رحلاته التجارية قديماً.
|
وينطبق عليه قول الشاعر عبدة بن الطيب في قيس بن عاصم المنقري التميمي:
|
عليك سلام الله قيس بن عاصم |
ورحمته ما شاء أن يترحما |
وما كان قيس هلكه هلك واحد |
ولكنه بنيان قوم تهدما |
وهذه أرثى أبيات قالتها العرب.
|
وإننا لنفتقده ففي السنوات الأخيرة رغم مرضه إلا أن زيارتنا له كانت جزءا من وقتنا الذي أحسسنا أنه بعد وفاته قد حدث فيه فراغ.
|
فرحمه الله رحمة واسعة وحشرنا وإياه في زمرة النبيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
|
عبدالله بن عبدالعزيز الحميدة - بريدة |
|