يبدو أن معرض الرياض للكتاب هذا الاحتفال الذي تشهده العاصمة في كل عام يفتح شهية المسؤولين في وزارة الثقافة والإعلام لإصدار قرارات مهمة تشجيعا للثقافة والمثقفين، فأثناء معرض الكتاب لهذا العام أعلن وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة عن التوجه لإنشاء هيئة للكتاب وجائزة معرض الرياض الدولي للكتاب» تمنح لأفضل ناشر وكتاب وهذا القرار وغيره لم يكن ليظهر لولا هذا النجاح المستمر لمعرض الكتاب. وفي العام 1428هـ اصدر وزير الثقافة والإعلام آنذاك الدكتور إياد مدني قرار مهما يتمثل بدعم الوزارة لتخفيض أجر قيمة الإعلان عن الكتاب في القنوات التلفزيونية المحلية بنحو 50%.
وجاء ذلك القرار استنادا إلى التوجه السامي والقاضي بدعم النهضة العلمية والثقافية بالمملكة، ولعل معالي الوزير الدكتور عبدالعزيز خوجة يعيد هذا القرار إلى منصة التنفيذ، فالكتاب الجاد بدأ يحتل ذيل الاهتمامات، خاصة بعد أن اقتطعت الفضائيات والإنترنت الكثير من وقت المشاهد، وبعد أن تسيّدت الروايات الاستهلاكية لسوق الكتب.
وللأسف لم يتم تفعيل أو الاستفادة من ذلك القرار في حينه لان التخفيض بنسبة 50% ليس كافياً، فالكتاب الجاد والذي ستساهم الوزارة بدعمه من خلال تخفيض الإعلان عنه، هو كتاب في الغالب غير مربح مادياً للمؤلف أو دار النشر، والإعلان عنه في التلفزيون مثلا ببضعة آلاف لمرة واحدة سيزيد من تكلفته، وبالتالي صعوبة وصوله إلى القارئ.
لذلك إنّ الدعم الحقيقي للكتاب هو جعل الإعلان عنه (مجاناً) خاصة إن الوزارة أطلقت قناتها الثقافية، الإعلان هو سر معرفة الجمهور بأي منتج ثقافي، وهناك الكثير من عناصر الثقافة التي ينتظر من الوزارة أن تدعمها وليس الكتاب فقط، فنحن في هذا الوقت بحاجة لتقديم التسهيلات الإعلانية للقطاع الخاص الذي له علاقة بإنتاج الثقافة من دور نشر أو غيرها، للعمل على تحقيق نهضة ثقافية شاملة كما يأمله التوجه السامي الكريم، ومن المهم أن تتسع دائرة الإعلان المجاني ليشمل المسرحية ومجلة ألأطفال والمهرجان الثقافي والأمسية وغيرها، سواء في التلفزيون أو الإذاعة، على أنّه يمكن للوزارة أيضا أن توسع دائرة مساهمتها لتشتري عدة أيام شهريا في اللوحات الإعلانية الموجودة في الشوارع، فهي مقروءة بشكل جيد لتعلن من خلالها عن فعاليات ثقافية تقوم بها أو يقوم بها القطاع الخاص المعني بإنتاج الثقافة!! بالإضافة إلى تخصيص مساحات محددة في جميع الصحف تختص بالإعلان (المدعوم) للكتب والأنشطة الثقافية من محاضرات وأمسيات ومسرحيات وغيرها.
إنّ الترويج لثقافة حقيقية تهتم برعاية المبدعين وتدعم الحركة الثقافية الشاملة وتسهم في التنمية من خلال إعداد جيل واعٍ ومثقف، لا بدّ أن تتبنّاها المؤسسة الرسمية وأن تتنازل عن حقوقها المادية بل وتساهم ماديا إذا أرادت للمبدع وللقطاع الخاص المساهمة معها في دعم الثقافة التي لن تستطيع المؤسسة الرسمية إنتاجها لوحدها دون عون من المثقف والقطاع الخاص!
alhoshanei@hotmail .com