عندما يلتحق طالبنا بالمدرسة الثانوية يبدأ التعليم في تضييق الخيارات أمامه، ففي المرحلة الثانوية قد يجد الطالب نفسه مضطراً إلى اختيار أحد القسمين (علمي أو أدبي)، وهو اختيار محدود سيقرر مبكراً مستقبله الأكاديمي والمهني، وعندما يبدأ رحلته الدراسية في أحد هذين القسمين سيجد نفسه ملزما بدراسة حزمة من المقررات المحددة سلفا، وسيجد نفسه نسخة طبق الأصل لزملائه في المدرسة، فلا مجال أمامه ليختار مقرراً أو أكثر ليشبع من خلالها رغبته وينمي اهتماماته وميوله الخاصة، وعندما يتقدم للقبول في الجامعات سوف يكتشف أنه محروم من دخول بعض كليات الجامعة بسبب طبيعة تخصصه في الثانوية. يبدأ طالبنا دراسته في الجامعة ليجد نفسه مضطراً لدراسة تخصص لا يرغبه ولا يميل له. بل وسيجد نفسه عندئذ ملزماً بدراسة مقررات معينة لا يحيد عنها قيد أنملة، ولن يكون أمامه أية فرصة ليختار مقرراً أو مقررات بعينها يجد في نفسه ميلاً إليها. وإذا تخرج فسيجد نفسه مرغماً أن يعمل في مجال لا علاقة له بتخصصه. إن أحد أهم علل تعليمنا أنه لا يحترم فردية الطالب ولا يقدم له خيارات واسعة ومنوعة ليختار منها ما يلائم استعداداته وميوله، فمدارسنا اصبحت للأسف مثل المصنع تنتج قطعا متطابقة.