يقوم برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي على ابتعاث الطلاب والطالبات السعوديين إلى الجامعات العالمية في مختلف دول العالم لمواصلة دراساتهم في مراحل التعليم العليا المختلفة بعد أن قامت الجهات المعنية بتحديد التخصصات المطلوبة
وإعداد مَنْ يتم ابتعاثهم بناءً على حاجة البلد في مختلف قطاعاته العملية وفي مختلف مناطقه الجغرافية؛ حيث يلبي - كما يُفترض للبرنامج أن يكون - حاجات سوق العمل المختلفة في شتى مناطق المملكة.
وإذ يقوم البرنامج على دراسة التخصصات التي تحتاج إليها قطاعات العمل العامة والخاصة المختلفة، كما أشرت آنفاً، إلا أن الجانب المهني الفني قد لا يكون له نصيب من تلك الخطط التي يقوم عليها البرنامج. ومعلوم أن الوظائف الحالية في معظمهما والمستقبلية في مجملها ترتبط بالمهن التخصصية، ولا تعتمد على التخصصات النظرية كما كانت الحال سابقاً. وحيث إن لكل مقام مقال، فقد طغت الحاجة الآن لتوفير أيد عاملة في مجالات تخصصية فنية بحتة تحتاج إليها السوق سواء في قطاعات الدولة المختلفة أو الخاصة.
وقد تكون الحاجة موجودة بل ومستمرة لوجود كفاءات متخصصة في مجالات نظرية مختلفة إلا أن تلك الحاجة لا شك تتقلص مع مرور الزمن الذي أصبحت معه الحاجة إلى أيد فنية في تخصصات مختلفة أكثر إلحاحاً. ويكفي أن نعلم أن معظم العاملين بالمملكة من غير السعوديين يعملون في وظائف مهنية بحتة، ويتقاضون لذلك أجوراً باهظة، ومع اهتمامنا بالتركيز على التخصصات النظرية تتنامى الحاجة إلى وجود بل إلى زيادة أعداد العمالة غير السعوديين.
ثم ما يتبادر إلى الذهن هو الكيفية التي سيتم من خلالها استيعاب هؤلاء المبتعثين حين الانتهاء من دراساتهم وعودتهم إلى أرض الوطن أو أولائك الذين تم ابتعاثهم داخلياً، وهل تم الاستعداد لتوظيف تلك الأعداد الهائلة منهم خصوصاً أن عددا كبيرا منهم قد تم ابتعاثهم لدراسة تخصصات نظرية بحتة ينتظر كثير من أقرانهم ممن درسوا تلك التخصصات في جامعات المملكة فرصاً وظيفية لهم.
ماذا لو تم النظر في تخصيص عدد من تلك المنح لمن لم يحالفهم الحظ لإكمال دراساتهم العامة العادية في ابتعاثهم سواء داخلياً أو خارجياً وفي مجالات فنية مهنية تحديداً تحتاج إليها السوق المحلية؟.. ماذا لو تم حصر الوظائف التي يتمركز بها وحولها عدد هائل من غير السعوديين لعدم وجود أيد سعودية تجيدها ومن ثم العمل على درجها ضمن البرنامج؟.. ماذا لو تم حصر المعاهد الفنية الداخلية وما بها من تخصصات تحتاج إليها سوق العمل ثم عُمد إلى ابتعاث العاطلين عن العمل والمقيدين في مكاتب العمل أو بمراكز التوظيف الحكومية إليها.
ألا تعتقدون أن كثيرا من الشركات التي تتعذر دوماً بعدم أهلية المواطن مهنياً لممارسة الوظيفة المطلوب الاستقدام عليها.. ألا تعتقدون أنها ستجد ضالتها حينئذ من أبناء الوطن الذين تم ابتعاثهم سواء داخلياً أو خارجياً وأصبحوا مؤهلين للعمل؟..
إنها رسالة لجميع المعنيين بالموضوع لإعادة النظر فيما سبق، والمساهمة في القضاء على البطالة من جهة وتحقيق مزيد من النجاح لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث. إلى لقاء قادم إن كتب الله.