Al Jazirah NewsPaper Saturday  13/03/2010 G Issue 13680
السبت 27 ربيع الأول 1431   العدد  13680
 
مفارقات لوجستية
إلى السيدة داليا مجاهد
د. حسن عيسى الملا

 

للذين لم يسمعوا بالسيدة داليا، أقول لهم بأنّ هذه السيدة هي أول عربية مسلمة ترتدي الحجاب الإسلامي وتدخل البيت الأبيض الأمريكي بصفة مستشارة للرئيس الأمريكي (أوباما) لشئون الإسلام والمسلمين.

وسر توجُّهي لها هو أنّ استطلاعات الرأي، ومن ضمنها استطلاع (جالوب) الذي نشر منذ أربع سنوات تقريباً، كان قد أشار إلى أنّ ستة من كل عشرة ممن استطلع رأيهم من السعوديين، قد عبّروا عن وجهات نظر معادية للولايات المتحدة الأمريكية، كما عبّر غالبية الأمريكيين عن وجهة نظر مشابهة تجاه المملكة العربية السعودية.

كما أنّ مجلة (نيو ستيتمان) البريطانية نشرت مؤخراً على لسانها، أنّ استطلاعاً أجرته المستشارة عن نظرة الأمريكيين للمسلمين والإسلام قد أبان أنّ أربعة من عشرة من الأمريكيين الذين شاركوا في الاستطلاع يكرهون الإسلام، وقد علّقت على ذلك قائلة بأنها من هذه الأقلية المكروهة، لكنها تحظى بدعم كبير من أمريكيين آخرين.

ولما كانت مستشارة لرجل سياسي، وقد روي عن الرئيس الفرنسي الراحل قوله: (إنّ من يريد أن يتكلم في السياسة، عليه قبل ذلك أن يقرأ التاريخ)، فإني سأتطفّل، على غير عادة، وأنصح السيدة المسلمة المستشارة أن تقرأ لفخامة الرئيس (أوباما) شيئاً من تاريخ السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية تجاه المسلمين عامة والعرب خاصة.

هناك محطات مضيئة لهذه السياسة الخارجية، ومحطات أخرى داكنة لا بد لفخامة الرئيس أن يتوقف عندها ويسبر غورها إن أراد فعلاً أن يرمم السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العرب والمسلمين، وألا تفشل محاولاته كما فشلت محاولة سلفه عندما عيّن وزيرة لتحسين صورة أمريكا في العالم.

من المحطات المضيئة، موقف الحكومة الأمريكية من العدوان الثلاثي الذي شنته إسرائيل وبريطانيا وفرنسا على مصر عام 1956م على أثر تأميم مصر لقناة السويس.

أما المحطات الداكنة، فقد بدأت منذ دعم أمريكا لتجزئة العالم العربي وتفتيت وحدته واستعماره، مروراً بغرس الصهيونية في فلسطين ودعم دولتها بحلف استراتيجي يبقيها أقوى من جميع الدول العربية مجتمعة، وكيف ناصرت أمريكا احتلال إسرائيل لما تبقّى من فلسطين عام 1976م عندما احتلت الضفة الغربية وقطاع غزة، وجاوزتها إلى احتلال سيناء المصرية والجولان السورية، وشبعا وكفر شيبا اللبنانية.

أروي له يا (داليا) كيف تدخّلت أمريكا في حرب 1973م بين مصر وإسرائيل عندما لاح في الأفق احتمال انتصار الجيش المصري على الجيش الإسرائيلي، عندما أوقف الرئيس محمد أنور السادات تقدم جيشه في سيناء معلناً أنه لا يستطيع محاربة الولايات المتحدة الأمريكية.

وأروي له يا (داليا) كم مرة استخدمت فيها أمريكا (الفيتو) في مجلس الأمن لإجهاض قراراته المنصفة للشعب الفلسطيني.

وأروي له يا (داليا) كل حماقات السياسة الخارجية الأمريكية التي توّجت بغزو العراق الذي وصفه سلفه بأنه حرب صليبية.

العرب والمسلمون يا (داليا) وأنتِ منهم ومحسوبة عليهم، يتطلّعون إلى أن تمارسي دورك الاستشاري بشفافية ومصداقية، فلا يحول الاحتفاظ بالمنصب دون نصرة (المستشير أوباما) ظالماً كان أو مظلوماً.

وأقترح عليك في النهاية أن تروي له هذه الطرفة، فقد سأل بدوي حضرياً عن اسمه فقال: (بحر) وسأله عن اسم أبيه فقال (فياض) وسأله عن كنيته فقال له (النهري)، هنا علّق البدوي قائلاً: (ينبغي ألاّ يلقاك المرء إلاّ وهو في زورق).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد