قلت للمستشرقة الأمريكية البروفيسورة سوزان ستيتيكفتش ضيفة الندوة الدولية - التي نظمها قسم اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة الملك سعود - وأنا وهي نحتسي القهوة في أحد المقاهي الملحقة بمعرض الكتاب الخميس الماضي: ماذا ترين حولك الآن؟
قالت: الذي يبدو لي أن الناس هنا أصبحوا أكثر ارتياحا من خمس سنوات مضت حين زرت الرياض. فهل انطباعي صحيح؟ أنت يا فاطمة تعرفين أكثر.
وافقتها على انطباعها. ثم أضافت: الناس هنا يشترون كتبا كثيرة وأنت أيضا يا فاطمة عربتك مملوءة جدا. قلت عشرة أيام ذهبية يستثمرها السعوديون جيدا، أما عربتي المملوءة فهي المراجع التي أحتاجها في رسالتي للدكتوراه. نحن السعوديات نفضل أن تكون لدينا فرصة البحث متاحة في البيت لنقلل زيارة المكتبات ومن ثم الغياب المتكرر عن الأطفال.
قالت: لاحظي كيف تتحدثين بثقة عن البحث والطموح والأسرة والأطفال، الجيل الجديد من النساء في أمريكا ومصر والسعودية واثقات متكيفات لديهن قدرة مثيرة لدهشتي ودهشة جيلي على المزاوجة بين الأصالة والتحديث وإن اختلفت النسب! فقد كان جيلي يتسم بالتردد!
قلتُ: ماذا عن نسوة الشعر العربي القديم الذي بحثت فيه؟ هل وجدت بعض ملامحهن هنا؟
النساء هنا يحضرن بقوة، لكنه حضور صوتي وليس حضورا كاملا. أقدر ثقافة المجتمع وأحترم أفكاره وأشعر أن التطور يتم بهدوء لضمان الاستقرار الاجتماعي.
أما نساء الشعر القديم فكن نواحات لا يظهرن إلا في خاتمة سيرة فارس القبيلة الذي قضى نحبه في ساحة الحرب فيكون رثاء النساء له خير خاتمة لسيرة حياته في كتب المؤرخين!
تحدثنا كثيرا في حوار أنشره قريبا، ودعوتها إلى أن ترافقني لمنزلي ونتناول العشاء معا، اعتذرت بلطف وقالت مازحة طعامكم لذيذ جدا وكرم السعوديين معروف، لكن سيكون علي أن أتبع نظاما غذائيا قليل السعرات حين أعود إلى بلدي.
قلت ما هي الكلمة التي ستكتبينها قبل مغادرتك الرياض؟
قالت سأكتب:
(شكرا للدكتورة نورة الشملان).
ودعت البروفيسورة وقد حضر زوجها قلقا من تأخرها فقد كان موعدنا لساعة واحدة لكنه امتد دون أن نشعر بالوقت، قلت لها مازحة: يبدو أن الرجال في كل العصور وفي مختلف البلدان يمارسون سلطتهم ويفرضون وصايتهم. قالت: هذا صحيح، وهم لن يتنازلوا بسهولة!!
تبقى أن أخبركم بأن عبارة شكرا للدكتورة نورة الشملان التي قالتها البروفيسورة سوزان كانت هي العبارة الوحيدة التي ترددت في الندوة الدولية التي نظمها قسم اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة الملك سعود، ولم يحدث حولها اختلاف وتشابك ونقاش وتعليقات وتقاطعات علمية سادت أجواء الندوة الجادة والصارمة، بل كانت هي المقولة الوحيدة التي أجمع عليها المشاركون من أمريكيين ومن عرب شمال إفريقيا ومن عرب غرب آسيا. وتلك قصة أخرى سأحدثكم عنها الاثنين القادم بإذن الله.
fatemh2007@hotmail.com