وأقصد ما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في خطابه السنوي أمام مجلس الشورى الذي ألقاه يوم الأحد الماضي 21 ربيع الأول 1431هـ الجاري.
ولم أقل هل قرأتم، بل أقول هل فهمتم، وهناك فرق بين القراءة والفهم، فالفهم هو ما يفعله الحكماء من الناس، والحكمة وإن كانت هي ضالة المؤمن، إلاَّ أنها مفتاح العمل الصادق الذي يقود إلى الأمام. هذا هو المنهج القويم الذي نأمل فيه. وهذا ما أحسب أن الملك عبدالله يهدف إليه ويرمي إليه في كل كلمة قالها أمام أعضاء مجلس الشورى. لم يكن الملك يومها يخاطب أعضاء مجلس الشورى فحسب، بل كان يخاطب كل فرد في هذا الوطن، وأحسب أنه كان يخص كل مسئول في هذه البلاد، في القطاعين الحكومي والخاص، فمسيرة التنمية تحتاج إليهما في آن واحد، لا يمكن أن تفصل بين هذين القطاعين، والمسئول في كل منهما يؤثر في حياة عامة الناس، والمجتمع عموماً. ولهذا قال الملك أن الوطن للجميع، وأن المعيار الحقيقي هو العطاء والإخلاص، فالعطاء لا يكفي إن لم يكن مقروناً بالإخلاص، فالإخلاص في العمل هو المحك الحقيقي للتفاعل مع هذا المجتمع، الذي يتطلع إلى أن يكون الإنجاز على قدر الطموحات، وليس متخلفاً عنها، ومن الصعب استمرار تراجع الإنجازات في وطن حباه الله عزَّ وجل بثروة في الموارد وفي القدرات البشرية، التي تدين بشريعة تحث على العمل، وعلى إتقان العمل، وذلك هو مفتاح النجاح والتقدم والازدهار، وفي بيئة مواتية لا ينقصها إلاَّ تفعيل القدرات الكامنة فيها واستثمار الموارد المتاحة الاستثمار الأمثل الذي يحقق أعلى العوائد الممكنة. كل هذه المقومات للنجاح موجودة، ولكنها تحتاج إلى إدراك ووعي وعطاء وإخلاص، فلم يعد الوقت متاحاً للخطأ، ولم يعد هناك مكاناً للتراجع أو التقاعس، فقد بدأ الملك عبدالله برنامج الإصلاح الاقتصادي، وعلينا، وخاصة المسئولون منا، الأخذ بهذا البرنامج والعمل به والبناء عليه حتى نحقق ما أشار إليه الملك عبدالله في خطابه من أن نكو في مصاف الدول المتقدمة. هذه مسئولية كل مواطن، ولكنها مسئولية المسئولين الذين يتسنمون المسئولية في القطاعين الحكومي والخاص على حد سواء، وعليهم أن يكونوا قدر هذه المسئولية، ولذلك عليهم أن يفهموا ما قاله الملك عبدالله، لأن هذا الفهم هو مفتاح العمل المنشود الذي يقودنا إلى ذلك الهدف، فنكون في مصاف الدول المتقدمة. وقد قرأت تعليقات عدد غير قليل من المسئولين في القطاعين الحكومي والخاص على ما جاء في كلمة الملك عبدالله، وأعجبت كثيراً بتعليق أخي الدكتور جبارة عيد الصريصري، وزير النقل، المنشور في جريدة «الجزيرة» الغراء في عددها الصادر يوم الاثنين الماضي، إذ قال أن كلمة الملك عبد الله هي برنامج عمل لكل المسئولين في الدولة، مؤكداً أنه إذا تقيد كل مسئول بما ورد فيها، فإننا سوف نرى بلادنا في مصاف الدول المتقدمة، تماماً كما تمنى الملك عبدالله في كلمته. هذا الوزير فهم كلمة الملك، لذا أقول علينا أن نفهم ما قاله الملك.
رئيس (دار الدراسات الاقتصادية)
رئيس تحرير مجلة عالم الاقتصاد - الرياض