الجزيرة - د. حسن الشقطي
أغلق سوق الأسهم عند 6566 نقطة على ربحية بنحو 87 نقطة.. وقد تمكن مؤشر سوق الأسهم من التمسك باستقراره وهدوئه الملحوظ، رغم أن الساحة المحلية والعالمية قد ماجت ببعض المستجدات، أبرزها ملامسة السعر العالمي للنفط لمستوى 81 دولار منذ أيام، فضلا عن ظهور بوادر قلق في سوق الحديد المحلي، أكثر من ذلك فقد ظهرت تحركات حثيثة بسوق الأسمنت.. وقد استجاب السوق لبعض هذه المستجدات، في حين أنه لم يستجيب للأخرى.
لأول مرة.. قطاع الأسمنت على رأس قائمة الرابحين بالسوق خلال الشهر الأخير.. خلال الشهر الأخير (11 فبراير-10 مارس) أحرز قطاع الأسمنت أرباحا قياسية بلغت 9.9%.. ومن غير المعتاد أن يحقق قطاع الاسمنت مثل هذه الأرباح العالية بالسوق لأنه مشهور بالرتابة وبطء حركة التداول.. فقد ربحت كافة أسهم الأسمنت خلال الشهر الأخير باستثناء سهم أسمنت ينبع الذي خسر 3% تقريبا.. وجاء سهم أسمنت السعودية على رأس قائمة الرابحين بنسبة ربح 27.7%، يليه أسمنت القصيم الذي ربح 10.9%، ثم تأتي بقية الشركات بأرباح أقل.
لماذا المطالبة دوما بارتفاع قيمة المؤشر؟
وقد اعتاد الكثير من المحللين على انتقاد حال المؤشر من أنه لا يرتفع أو لم يرتفع خلال فترة معينة.. ولكن هل هذه هي القاعدة ؟ هل القاعدة دوما أن يرتفع مؤشر السوق ؟ بالطبع الإجابة بالنفي.. فالأصل في المؤشر ليس الارتفاع إنما الأصل فيه الاستقرار والتعبير عن التغيرات في أوضاع الشركات من خلال مستوي الطلبات على الأسهم والعروض منها.. فإذا كان المؤشر متماسك والسوق هادئ فكل شيء يوصف أنه على ما يرام.. إن مطالبات المتداولين ينبغي أن تتركز في المطالبة بتعزيز ودعم السيولة المتداولة بالسوق والسعي للحفاظ على حركة تداول نشطة.. ولا نعني هنا مضاربات عشوائية أو تلاعبات ولكن نعني أن تنشط السيولة المتداولة بحيث يسهل الدخول والخروج من السوق، وهذا هو ما تستهدفه أي بورصة عالمية.
أما آن الأوان للاهتمام بالأوضاع المالية للشركات ومستجداتها؟
خلال العام الأخير تحسنت حركة التداول بالسوق، واستقر المؤشر.. وفي اعتقادي أن السوق قد بدأ يتعافى من آلام العملية الجراحية التي أجرتها هيئة السوق لتصحيح الفقاعات والقضاء على التلاعبات.. وهذا شيء جيد جدا.. ولكن ذلك لا يمثل نهاية الطريق، فما تبقى يعتبر أكثر أهمية، وهو تصحيح أفكار ومعتقدات المتداولين حتى تقوم تداولات الأفراد حسب التغيرات في أوضاع ومستجدات الشركات.. فالإصلاح يجب أن يتطرق أيضا إلى تصحيح تداولات الأفراد وتحويلها من مجرد مضاربات عشوائية إلى تداولات تتم حسب توقعاتهم عن أوضاع الشركات في الحاضر والمستقبل.. وهذا التغير في فكر المتداولين هو الدور المنتظر بقوة من هيئة السوق سواء بالإعلام أو الندوات أو تصميم آليات تحث المتداولين على تغيير معتقداتهم تجاه التداول.
نصف الأسهم المتداولة بالسوق تعتبر أسهما استثمارية...
سأل سائل في أحد المحافل كم عدد الأسهم الاستثمارية بالسوق من إجمالي عدد الأسهم المتداولة ؟ وجاءت المفاجأة بأن أكثر من نصف الأسهم بالسوق تعتبر أسهم استثمارية بشكل أو بآخر، وبخاصة في ضوء تدني مستويات أسعارها السوقية، وتحسن مؤشراتها المالية في حركة التداول.. فحوالي (55) سهم متداول الآن يقل مكرر ربحيته عن 20 مرة، كما أنه يوجد بالسوق حوالي (83) سهم الآن يقل مكرر قيمته الدفترية عن 2.5 مرة. تنوع حركة التداول..
في الماضي كنا نرى قطاع أو قطاعين هما المسيطرين على حركة التداول، فمثلا كان دائما قطاع الزراعة و/أو الخدمات هما أساس نشاط حركة التداول، ومن ثم كانت غالبية الأسهم الأعلى نشاطا تنتمي لهذين القطاعين.. لكن هذا الواقع قد تغير كثيرا الآن.. فعلى سبيل المثال فإن أعلى عشرة أسهم رابحة خلال الشهر الأخير بالسوق لوحظ أنها تنتمي لعدد (8) قطاعات سوقية، أي أن كل سهم تقريبا ينتمي إلى قطاع مختلف.. وهو ما يثبت أن حركة التداول أصبحت تسير في مسارات عشوائية ومستقلة بما ينفي قدرة أي طرف مهما كانت قوته على احتكار السيطرة على حركة التداول وتوجيهها في مسار يلبي أهدافه الشخصية..
إلا إن ذلك يؤكد في حد ذاته على أن حركة التداول أصبحت أكثر احترافية عنها في السابق، وأن تحقيق الأرباح لم يعد محصورا في عدد محدود من الأسهم، بل أصبح مشاعا في كافة الأسهم.
الشائعات حول سوق الحديد..
من جديد أثيرت شائعات وأقاويل حول عدم وجود معروض كافي من الحديد، وبالطبع الحديث عن حديد التسليح، ذلك المنتج القادر على قيادة ارتفاعات في مواد البناء الأخرى، والتي بدورها قادرة على قيادة ارتفاعات في بقية المنتجات الأساسية الأخرى بالسوق المحلي.. والشائعات تدور الآن حول احتمال ارتفاع أسعار الحديد، وهذا الأمر يعتبر أحد المحفزات التي يمكن أن تقود أسعار أسهم الشركات المنتجة للحديد، وعلى رأسها شركة معادن، والتي بدأت تستجيب لهذه الشائعات ليس هذا الأسبوع المنصرف، ولكن في اعتقادي أن تجميعا قد بدأ في أسهم معادن بداية من أول مارس من هذا الشهر.. والمجمعون ربما بعضهم كان يعلم عن كثب أن مثل هذه الأزمة ستحدث، وأن أسعار الحديد سترتفع، وبالتالي أول المستفيدين (على الأقل نفسيا) هم ملاك سهم معادن.
سعر النفط يمثل الحافز الرئيسي لسوق الأسهم خلال بقية عام 2010
شئنا أم لم نشاء لابد أن نعلم بأن تماسك سعر النفط فوق مستوى 70 دولارا منذ 9 شهور تقريبا يعد أحد أهم المحفزات التي ساعدت سوق الأسهم على الحفاظ على مستوياته ومكاسبه خلال الشهور الأخيرة.. ولما كانت كافة التوقعات تشير إلى احتمال حدوث ارتفاعات جديدة في السعر العالمي للنفط، فإن أسهم قطاع البتروكيماويات بالسوق مرشحة لارتفاعات جديدة، وبالتالي فإن مؤشر السوق أيضا مرشح للارتفاع.