يمكن تعريف الرئيس بأنه موظف يوكل إليه تولي الأمر (الصلاحيات) بصفة جزئية أو كلية حسب موقعه في الهيكل التنظيمي للمنظمة التي يعمل بها. وينطبق تعريف الرئيس على الرئيس المكلف، إلا أن الاختلاف بينهما يكمن في أن مدة تولي الرئيس المكلف الأمر مدة مؤقتة؛ وبالتالي فإن الرئيس المكلف عادة ما يكون في وضع لا يُحسد عليه؛ فالمطلوب منه أن يعمل وسط توازنات إدارية مختلفة ليخرج من هذه المعمعة سالما غانما؛ فهو يريد أن يثبت وجوده وأنه أهل للمسؤولية الملقاة على عاتقه، مع عدم الإخلال بتوجيهات رئيسه الغائب.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فهو يعلم يقينا أنه رئيس مؤقت، وأنه بمجرد عودة الرئيس من إجازته أو مهمته فسيعود إلى وظيفته لممارسة مهامه التنفيذية السابقة؛ لذلك تجده حذرا في تعامله مع المرؤوسين الذين هم في واقع الأمر زملاؤه قبل التكليف وبعد نهاية التكليف أيضا؛ لذا يلجأ إلى المرونة وتقديم التنازلات مع المرؤوسين خلال عملية التكليف لخشيته من التجاهل والاستخفاف وعدم الاكتراث به من قبل زملائه عند انتهاء مدة التكليف؛ وبالتالي فإنه لا يمكن الحكم عليه بشكل دقيق خلال هذه المدة.
أما المرؤوسون فيمكن أن نعرفهم بأنهم موظفون في الخدمة العامة، لهم حقوق، وعليهم واجبات محددة تعين المنظمة على تحقيق أهدافها المرسومة. وتختلف مشاعر المرؤوسين تجاه الرئيس المكلف حسب علاقة كل واحد منهم به ومدى قناعته باختياره رئيسا لهم؛ ولذلك تجد أن بعض المرؤوسين في مثل هذه الحالات يقوم بأخذ إجازة خلال هذه المدة، ولسان حاله يقول (أريح وأستريح). ولا شك أن أغلب المرؤوسين يتنفسون الصعداء؛ لأنهم يجدونها فرصة سانحة للاستفادة منها واستثمارها لصالحهم؛ حيث يقومون بإعادة ترتيب الأولويات وإخفاء بعض المعلومات وتأجيل بعض الموضوعات لقلة خبرة الرئيس المكلف بمهامهم الوظيفية.
ومن السلوكيات المألوفة للمرؤوسين خلال هذه المدة كثرة استئذانهم وكثرة ظروفهم الشخصية؛ فتزداد مواعيد المستشفيات وتكثر المناسبات ومراجعة المرور والأحوال والجوازات وغيرها من الأعذار. وقد يفاجئك بعضهم باكرا باتصال هاتفي مخبرا بأنه (تعبان) هذا اليوم، وسوف يتأخر بعض الوقت، وعندما يحضر إلى العمل في منتصف النهار تكتشف أنه في الحقيقة لا يشكو من ألم ولا سقم؛ حيث تبدو آثار النوم العميق واضحة وجلية على قسمات وجهه الكريم.
ولا شك أن هناك حاجة ماسة إلى الرئيس المكلف ليتولى تسيير الأعمال والإشراف عليها خلال فترة غياب الرئيس عن العمل كأن يكون الرئيس في مهمة خارج العمل أو في إجازة أو في دورة تدريبية أو نحو ذلك. وهناك بعض الرؤساء يكلف شخصا معينا في حالة غيابه عن العمل بصفة مستمرة، والبعض الآخر يعمد إلى تنويع اختيار الرئيس المكلف لأسباب مختلفة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الفترة سواء كانت طويلة أو قصيرة هي فترة مؤقتة يتخللها تغيير في سلوك الموظفين العاملين تجاه العمل والرئيس المكلف. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة