Al Jazirah NewsPaper Saturday  13/03/2010 G Issue 13680
السبت 27 ربيع الأول 1431   العدد  13680
 
طريق غير مباشرة إلى إقامة الدولة الفلسطينية؟
داوود كتاب

 

من الواضح أن توقعات الفلسطينيين والإسرائيليين مختلفة، بل وربما تكون متناقضة، فيما يتصل بالمفاوضات غير المباشرة التي دفعت الولايات المتحدة الطرفين إليها دفعاً.

كانت إسرائيل من بين أول الأطراف التي رحبت بالقرار المتردد الذي اتخذته جامعة الدول العربية بتأييد الدعوة التي وجهها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى العرب بمباركة المحادثات. ومن الواضح أن الحكومة اليمينية التي يتزعمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ترى أن الدخول في محادثات غير مباشرة من غير الاضطرار إلى وقف الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس يُعَد نصراً على نحو ما. ولمجرد الرغبة في تذكير العالم بهذا وافقت الحكومة الإسرائيلية، في الوقت نفسه الذي كانت فيه المحادثات غير المباشرة تستعد للانطلاق، على البدء في بناء 112 وحدة سكنية في إحدى المستوطنات الواقعة في جنوب بيت لحم، وبناء 1600 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية.

أما بالنسبة للفلسطينيين، فإن العودة إلى المحادثات، وإن كانت غير مباشرة، تتمركز حول قضية استراتيجية واحدة: ألا وهي قضية الحدود. والواقع أن هذه الفكرة الجديدة تهدف إلى حمل الإسرائيليين والفلسطينيين على الموافقة على حدود الدولة الفلسطينية، وهو ما أكد الطرفان وبقية العالم أنه يشكل الوسيلة الوحيدة للخروج من هذا الصراع الذي دام عقوداً من الزمان.

ويريد الفلسطينيون أن تكون المناطق التي احتلتها إسرائيل عقب حرب يونيو حزيران 1967 أرضاً للدولة الفلسطينية. وهذا يتماشى مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومن بينها القرار رقم 242، الذي نص على «عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير عن طريق الحرب».

لكن العودة إلى حدود 1967 يعني أن التكتلات الاستيطانية الضخمة فضلاً عن مستوطنات أصغر حجماً في القدس الشرقية سوف تصبح جزءاً من الدولة الفلسطينية. والواقع أن أقل القليلين من المراقبين يتوقعون حدوث أمر كهذا. كانت محادثات سابقة قد اشتملت على السماح بتبادل الأراضي، وهو ما من شأنه أن يسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بالعديد من التكتلات الاستيطانية الضخمة في مقابل إعطاء الفلسطينيين بعض الأراضي داخل إسرائيل. وربما تشتمل المبادلة الأكثر ترجيحاً على بعض المناطق التي قد تسمح بخلق ممر بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

أما تعيين حدود القدس فسوف يكون أمراً أشد صعوبة. فقد أعرب الفلسطينيون والإسرائيليون علناً عن عدم رغبتهم في وجود سور يفصل بين القدس الغربية والقدس الشرقية. والواقع أن العديد من الأفكار التي طُرِحَت في هذا السياق تشتمل على الدعوة التي أطلقها الرئيس الأمريكي الأسبق بِل كلينتون والتي تقضي بأن تكون الجاليات اليهودية في القدس جزءاً من إسرائيل، وأن تكون الجاليات العربية هناك جزءاً من فلسطين.

غير أن هذه الخطة خضعت للاختبار مؤخراً عندما استولى اليمين الإسرائيلي بالقوة على ممتلكات فلسطينية في قلب ضاحية الشيخ جراح في القدس الشرقية. ولقد انضم المئات من أنصار السلام الإسرائيليين، ومعهم بعض الناشطين الدوليين، إلى الفلسطينيين المطرودين في الاحتجاج على تصرفات هؤلاء المستوطنين المتطرفين، والتي كانت مدعومة من قِبَل مسؤولين إسرائيليين على المستوى البلدي والحكومي.

وفي نظر العديد من الفلسطينيين والإسرائيليين، والمجتمع الدولي، فإن هيئة وتفاصيل ما قد يشكل تسوية مقبولة لدى الأغلبية في كل من الجانبين معروفة جيداً. فمن خلال التركيز على الحاجة إلى التوصل إلى اتفاقات بشأن الحدود في غضون فترة زمنية قصيرة، يقول الفلسطينيون إنهم لا يرون أي ضرورة إلى التفاوض على خطوات تدريجية، وإنهم يفضلون الاتفاق على التسوية النهائية أولاً ثم العودة إلى مناقشة القضايا والتفاصيل الخاصة بالتنفيذ في وقت لاحق.

ولعل الجانب الأكثر إثارة للاهتمام في المحادثات غير المباشرة المنتظرة هو ما حدث على الأرض في المناطق المحتلة. فقد كان رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض نشطاً للغاية في تنفيذ خطة استراتيجية من المتوقع أن تؤدي إلى نشوء دولة فلسطينية على أرض الواقع في غضون عامٍ ونصف العام. فضلاً عن ذلك فقد كانت الاحتجاجات غير العنيفة في ازدياد، في حين سجلت أعمال العنف والتفجيرات الانتحارية تراجعاً حاداً.

ومن الواضح أن المفاوضين الأمريكيين الذين يخططون للقيام بدور نشط في المحادثات غير المباشرة ويعتزمون للمرة الأولى الجلوس إلى طاولة المفاوضات حين تبدأ المحادثات المباشرة، وعدوا الفلسطينيين بأن الولايات المتحدة لن تتورع عن فضح الطرف الذي يجرؤ على عرقلة المفاوضات.

والواقع أن مثل هذا الإعلان من جانب الولايات المتحدة (إذا ما أعلنت أن إسرائيل على خطأ) من شأنه أن يعطي الفلسطينيين الفرصة لإعلان فشل المحادثات، ومن ثم التحرك نحو إعلان أحادي الجانب عن قيام دولة فلسطينية على أمل اعتراف المجتمع الدولي بهذه الدولة. والواقع أن أوروبا أكدت بالفعل أنها سوف تعترف بمثل هذا الإعلان الأحادي الجانب. وفي هذه الحالة فإن الأمريكيين سوف يجدون صعوبة بالغة في رفض الاعتراف بدولة فلسطينية تتماشى مع ما اعتبره المجتمع الدولي الحل الوحيد المقبول لهذا الصراع العسير.

خاص بـ(الجزيرة)
مدير شبكة الإعلام المجتمعي في عمان بالأردن.





 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد