Al Jazirah NewsPaper Saturday  13/03/2010 G Issue 13680
السبت 27 ربيع الأول 1431   العدد  13680
 
المتسولون الجدد!
رمضان جريدي العنزي

 

هناك متسولون جدد يجب تسليط الأضواء الكاشفة والقوية والمزعجة عليهم، هؤلاء المتسولون الجدد يشبهون بالضبط القطط التي تأكل وتموء في الوقت نفسه، فالتسول لدى هؤلاء من قلاع أرواحهم وفضاءات طباعهم حتى أصبح عصياً على الإزاحة والعلاج، فكم لدينا من هؤلاء الذين باعوا مشاعرهم وأحاسيسهم كذباً ورياءً وبهتاناً وخداعاً وزيفاً من أجل ثمن بخس، لقد ابتكروا أساليب جديدة لها ضآلة وفقر خطاب وتزاحموا وتكالبوا وفق حفنة من المعتقدات الساذجة والمفاهيم الرثة التي تستمد حضورها الرديء من غياب العقل، إن ما يجعل الأسف مفتوحا وقاتلا هو أن تنسحب صخور فداحتهم الثفيلة لتلك المعتقدات والمفاهيم على رؤاهم وسلوكهم بصورة أو بأخرى لخريطة مفهومهم الثقافي والإبداعي، ان هذا يزيح بقوة الستار عن الاعتلال الفكري الخانق والعاري الذي يمرون به، والذي يعكس ملامحهم السلبية المهلكة حتى في بعض مراياهم العتيقة، ان مخيلاتهم الفجة التي لا تشبه بالتأكيد مخيلة شكسبير الخالد ولا المتنبي العريق، لأن لهم أصواتاً منكسرة تشبه أصوات الطيور المهاجرة التي أضناها التعب والعطش بحثاً عن الماء والكلأ والهاربة من بنادق الصيادين، أن الذي نلحظه ونشاهده في بعض ممارسات وأفعال وأقوال بعض هؤلاء الشعراء في المحافل والمنتديات والمناسبات وعبر فضائيات السقم، تنم عن حقيقة ساطعة ومريرة وهي أن العديد من بعض هؤلاء بحاجة فعلاً إلى (تأهيل) فكري وعقلي وأدبي وحركي من جديد، وابتعاثهم إلى العالم الآخر لكي يكتسبوا مهارات وتطلعات وأفكار ورؤى وأساليب جديدة، أن هؤلاء يؤدون دوراً نقيضاً عما هو مطلوب منهم، ففي الوقت الذي يتحتم عليهم أن يرتدوا ويعتنقوا ويمارسوا دورهم البدهي في نسج وعي حضاري تثقيفي متقدم، نراهم ينتكسون ويتقهقرون ليصل بهم التردي إلى أن يصبحوا متمنطقين ومتمترسين للدفاع عن غاياتهم ومفاهيمهم وأطماعهم الذاتية بعيداً عن التنوير والتحديث والتطوير، انهم بمواقفهم السلبية هذه يشحنونني ويغرونني لأفتح نار النقد عليهم لتفكيكهم من أجل الخلاص من تداعياتهم المزمنة وسطوتهم اللا مبررة، أن أحد تلك المفاهيم هو مفهوم ال (أنا) المتضخمة لديهم أن هذه ال (أنا) حادة ومدوية وتبتعد في أغلب الأحيان عن الحقيقة الموضوعية للوضع الآدمي وتظهر عنواناً مريضاً للإحساس بالتفوق المسرف وغير المنطقي، لقد أنجب لنا هؤلاء (البغبغائيون) الذين يمارسون الزعيق والصراخ والتهويل والتضخيم المسرف عديداً من الأوهام الهائلة والعنصريات المجنونة وقدموا لنا ثقافة متدنية لا جدوى لها ولا معنى سوى ذلك الإحساس الزائف بالتفوق!! الإحساس المظل والمظلل والممرر، ان هؤلاء البعض من الشعراء لديهم ساذجة مفرطة، ينامون بثقل مرير يستفيقون بعدها فجأة ويودون استرجاع (السيف) القديم لينهك بصوته العديد من ملامح نقاء الحاضر، إلى درجة أن البعض من هؤلاء ما زالوا متشبثين بالحنين ل (غبرة) الماضي العتيد التليد، ان بعض هؤلاء المرتزقة المتسولين ما زال يتنكب مثالية ساذجة وخائنة لمعطيات الواقع الحاضر، فتراه يتجاوز كل التردي والخراب والأمية المديدة في خريطة واقعه الروحي والنفسي ويعلن بأنه من أكثر أفراد الأرض تحضراً وأنه هو من أجاد اللغة وعلم الآخرين مفردات الحياة!، وتارة أخرى نجده يصبغ على نفسه وعلى بعض قومه وإقليمه وحيزه صفات الملائكة أو صفات الذين اكتشفوا عطارد، اننا اليوم بحاجة قصوى إلى نقد هؤلاء المتسولين العبثيين بضراوة من دون تفخيمهم ونفخهم بالوهم، لأنهم بحاجة ماسة إلى تقويض الكثير من مفاهيمهم التي لم تعد صالحة الآن، ان من واجبنا هو إرباك ومحاصرة وتفتيت أطروحات هؤلاء العبثيين السلبية حتى يؤسسوا من جديد مفاهيم مغايرة مستمدة من جذور الحاضر الخالصة، إنني أدعو هؤلاء جميعاً إلى صياغة فكر ذي ثقافة أخلاقية وطنية عاقلة ومعقولة لا تلتفح إلا بمعطف الإنسانية والوطنية وتكريس مفاهيم العطاء وشحذ الهمم نحو العلم والعمل والبناء والتقدم من أجل الإنسان وحده، وحتى تكون بديلاً عن تلك المفاهيم العاتية البليدة التي طالما استبعدت وانتهكت وضحت بالإنسان وتقدمه، بحجج وأقاويل ونظريات واهية وباطلة وغير منطقية ولا شرعية ولا تصلح للحياة الجديدة.





ramadanalanezi@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد