Al Jazirah NewsPaper Friday  12/03/2010 G Issue 13679
الجمعة 26 ربيع الأول 1431   العدد  13679
 
حديث المحبة
الاختراق الإعلامي
إبراهيم بن سعد الماجد

 

أذكر أنه وقبل عقدين من الزمان كان هناك حديث جميل للدكتور محمد عبده يماني حول الإعلام القادم، وأنه سوف يقتحم الأسوار ويقتلع الأبواب، ولن يكون هناك ما يمنع من دخول ذلك لغرف النوم ومهاجع الأولاد، وأن لا سبيل لصده إلا بالتحصين الذاتي، ولذلك كنا نفكر بالجانب السلبي فقط لهذا الإعلام القادم، وبعد سنوات جاء هذا الإعلام الفضائي ورحب به من رحب وسخط من سخط، وكانت الفتاوى المحرمة، والآراء المعتدلة، وما هي إلا فترة بسيطة حتى حمل هذا الفضاء من القنوات الهادفة ما أثلج صدور قوم مؤمنين، وأتاح الفرص لنشر الكثير من القيم السامية النبيلة التي ما كان لها أن تصل إلى ما وصلت إليه لولا هذه القنوات الفضائية التي اخترقت الحدود في أقاصي الأرض، وحملت معها المضامين إيجابية كانت أو سلبية للمتلقين.

ويرى بعض من المحللين أن إعلامنا العربي مخترق من خلال ما يبثه من مواد لا تتفق مع توجهات المجتمع وسياسات الدول العربية والإسلامية، وتوصم بعض القنوات بأنها عميلة لبعض الجهات، وذلك نتيجة لما تبثه من مواد لا تتفق كما أسلفنا مع توجهات وأخلاق هذا المجتمعات.

لقد عانت أمتنا العربية من شتات كبير نتيجة ما تبثه وسائل الإعلام المعادية وهذه الدول أعني المعادية لم تكن تملك حينها أكثر من محطة إذاعية، وأحدث الإعلام الفضائي مزيداً من التشتت وهو في ملكيتنا وتحت سيطرتنا، فكيف إذا ملك من لا نشك في توجهاته وخططه إعلامنا، وليس أي إعلام.. الإعلام الموجه للشباب تحديداً؟!

إن قضية المال عندما تكون هي المسير الأساسي للإنسان فإنه يتنازل عن كل المبادئ والأخلاق، حتى وإن تعلق ذلك بأخلاق أمته ووطنه.

لذا فإن من الأهمية بمكان أن يكون للحكومات والمنظمات والهيئات الوطنية العربية والإسلامية موقف واضح وصريح تجاه شركات ومؤسسات الإعلام، وألا يترك لها الحبل على الغارب - كما يقال - تعمل ما تشاء وتتحالف مع من تشاء بدون ضوابط وقيود تحمي الأمة من أن يخترق إعلامها ويعبث بمستقبل أجيالها، فالقضية تعد من القضايا المصيرية لأمتنا وأوطاننا، وعندما تحل الكارثة ويكون الاختراق الحقيقي، بتحول شبابنا إلى شباب يمتثل رسالة العدو وينصاع لخططه ورغباته، فلن يكون بمقدورنا تغيير هذه الأفكار المنحرفة، والرغبات الجامحة، وعندها سيكون الاستسلام المخجل، سياسياً ودينياً وأخلاقياً.

لقد تناول الكثير من المؤلفين موضوع الاختراق الإعلامي، وتحدث عليه كثيراً عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولكنه اليوم يعد اختراقاً مختلفاً لكونه دخل من بوابة الاقتصاد، هذه البوابة التي جرت على أمتنا العربية والإسلامية الكثير من المحن والكوارث، لكوننا أمة لا تقرأ، وإلا لو كنا نقرأ، ونفقه ما نقرأ ما كان واقعنا كما هو الآن.

ومن المعلوم أن المملكة العربية السعودية من أكثر الدول استهدافاً لهذه الجهات المتربصة بهذه الأمة لكونها تمثل الثقل الديني والاقتصادي، ولها تأثير مباشر على جميع الدول العربية والإسلامية، ولذا من المهم لدى هؤلاء المتربصين ألا يكون تأثيرها على هذه المجتمعات تأثيراً إيجابياً، ولن يكون هذا إلا بالتأثير على شباب هذا الوطن الكبير العظيم بقيمه وأخلاقه ومكتسباته، ولذا فإن من الأهمية بمكان الانتباه لهذا الخطر القادم الذي يريد السيطرة على شبابنا من خلال السيطرة على إعلامنا، ولا أريد أن أدخل في مزايدة على حبنا وولائنا لقيادتنا التي هي الوطن والوطن هو القيادة، وهذا من فضل الله علينا.



almajd858@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد