Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/03/2010 G Issue 13678
الخميس 25 ربيع الأول 1431   العدد  13678
 
شيء من
الأمن والإعلام
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

هيبة الدولة تبدأ من خلق شعور لدى الجميع بأن هناك عيوناً متيقظة تلاحق كل من تسول له نفسه القيام بعمل إجرامي. الإعلام هو أفضل الطرق والأساليب لصناعة هيبة الدولة وغرس هذه الهيبة في أذهان الناس. وكل من يتابع محاربة ومحاصرة الإرهاب - مثلاً - في هذا البلاد، لابد وأن يلحظ الجهود المكثفة التي تبذلها السلطات الأمنية ليس فقط في حماية أمن الإنسان، وكشف الجرائم بعد وقوعها، وإنما في إفشال كثير من العمليات - وجلها إرهابية - قبل أن تقع. حتى أن هناك إحصاءات وأرقاما تؤكد - كما يقولون - أن ما تمّ إحباطه من عمليات إرهابية كان سيؤول بالبلاد فيما لو نجحت هذه العمليات إلى دولة مستباحة بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ ويكفي أن تتصور ماذا سيكون عليه وضع هذه البلاد لو أن عملية (بقيق) الإرهابية نجحت مثلاً.

غير أن هناك حلقة مفقودة في التواصل بين الإعلام في المملكة والسلطات الأمنية، سببها أن السلطات الأمنية اعتادت على السرية المطلقة، وعدم إيجاد أي جسور تواصل بينها ووسائل الإعلام ؛ اللهم إلا بعض الأخبار التي يلتقطها الإعلاميون من هنا وهناك، أو يعلنها المتحدثون الإعلاميون بين الحين والآخر، أو تلك الأخبار الأمنية التي يتم تسريبها إلى صحيفة (سبق) الإلكترونية بشكل حصري، وترسل على شكل رسائل جوال مدفوعة القيمة إلى المشتركين في جوال سبق، وما عدا ذلك فليس ثمة أيّ تواصل غير هذه القناة الإعلامية الضعيفة، والهامشية في تأثيرها.

قضية اغتيال المبحوح في دبي، وطريقة تعامل السلطات الأمنية الدبوية (إعلامياً) مع هذه العملية الإجرامية يصلح أن يكون مثالاً حياً لما أريد أن أسلط عليه الضوء هنا. كان بإمكان السلطات الأمنية هناك أن تكتفي بالإعلان عن التفاصيل وذكر الأسماء في (بيان) مصاغ بلغة سليمة وحصيفة، وتنتهي القضية كما هي الطريقة التقليدية في التعامل مع هذه القضايا إعلامياً. غير أن الدبويين استغلوا هذه العملية، استغلالاً مهنياً عالياً من الناحية الإعلامية و(نفخوا) فيها، وسربوا الأدلة، وركزوا على الطريقة عالية التقنية التي من خلالها تم كشف المتهمين، وانتهت هذه (الجَلَبة الإعلامية) إلى تكريس هيبة دبي الأمنية أفضل مما كان عليه الأمر قبلاً، وبمراحل.

وليس لديّ أدنى شك أن السلطات الأمنية في المملكة استطاعت أن تفكك كثيراً من القضايا الإجرامية، التي ربما كانت أكثر تعقيدا وتداخلاً وربما خطورة من عملية دبي بحرفية ومهنية عالية، غير أن كل هذه الإنجازات ظلت طي الكتمان، ولم يتم توظيفها إعلامياً لتكريس هيبة الدولة، وحفرها في أذهان المواطنين والمقيمين على السواء.

كل ما أريد أن أقوله في هذه العجالة: إن إيجاد علاقة قوية بين السلطات الأمنية ووسائل الإعلام من شأنه أن ينعكس إيجابياً على تكريس (هيبة الدولة) وأجهزة الأمن فيها في أذهان الناس، والعكس صحيح؛ فكلما ضعفت هذه العلاقة أثرت سلبياً في هيبة الدولة.

إلى اللقاء..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد