الجزيرة- محمد العيدروس - سعيد الدحية الزهراني
أعلن معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة عن نية الوزارة تخصيص جائزة باسم (جائزة معرض الرياض الدولي للكتاب) تمنح بدءاً من الدورة القادمة - بمشيئة الله - لأفضل ناشر وأفضل كتاب.. جاء ذلك في كلمته التي ألقاها خلال لقائه بالمثقفين والمثقفات مساء أمس الأربعاء في سياق أنشطة معرض الرياض الدولي للكتاب 2010م.
واعترف الوزير خوجه بأنه لم يعرف بتأخير إجازة الكتب عبر إدارة الرقابة في وزارة الثقافة والإعلام.. وقال في إجابة عن أحد الأسئلة: لم أعلم عن هذا الخلل وأتحمل مسؤوليته كاملة وأعدكم بالقضاء عليه نهائياً.. مبدياً أسفه الشديد حيال هذا الأمر الذي من واجب الوزارة - وفق ما ذكر - أن تسهل كل ما يتعلق بالمثقفين والأدباء.. وكشف خوجه في لقائه هذا وسط حضور ثقافي وأدبي وإعلامي مميز وكثيف.. عن دراسة فكرة دمج الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون إلى مراكز ثقافية.. تكون بصورة شاملة وعامة وتؤدي دورها بصورة فاعلية ومؤثرة.
وفي إجابة حول سؤال يتعلق بإساءة الظن من بعض الجهات والأشخاص تجاه الكتاب والصحفيين واتهامهم بأن ما يكتب عبارة عن تصفية حسابات قال الوزير خوجه: أنا ألبس اليوم (مشلح الثقافة).. مؤكداً أن الكتابة حرية وأمانة مطالباً بتكثيف النقد المتعلق بوزارته لأنه يكشف له الخلل وبالتالي يتجه إلى معالجته، مشيراً إلى أنه لا يتوقع أن يكون أحداً من زملائه الوزراء يتضايقون من النقد شريطة أن يلتزم بالمسؤولية والأمانة والمهنية.
وعلق الوزير خوجه على سؤال حول تولي المرأة مناصب قيادية في وزارته وفي شؤون الثقافة وغياب المرأة عن المجالات التي تدور في إطارها وزارة الثقافة والإعلام قائلاً: منسوبي الوزارة يشتكون من كثرة العاملات في القنوات السعودية.. مؤكداً أن المرأة ذات إسهام كبير في تنمية وبناء الوطن على مختلف المستويات.. كاشفاً عن أن معيار التعيين القيادي في وزارته يقتصر على الكفاءة فقط فيما لا ينظر للجنس هل هو رجل أو امرأة.. وحول ضعف مخصصات الثقافة بإزاء الإعلام وكذا فكرة تحويل وكالة الثقافة والإعلام إلى هيئة أو مؤسسة أسوة بالإذاعات والتلفزيونات.. ذكر خوجه أن هذا السؤال وقع على الجرح الذي لم يفضل الحديث عنه مبيناً أن تحويل الإذاعة والتلفزيون إلى مؤسسات أو هيئات سيتيح الجانب الأكبر من الأهم للثقافة مبدياً ترحيبه بفكرة تحويل الثقافة إلى هيئة أو مؤسسة.. وفي مداخلة تطرقت فيها صاحبتها إلى تشبيه المسؤول (بعمدة الحارة).. قال الوزير خوجه: (نعم ثقافتنا ثقافة عمدة حارة).. مؤكداً حول ما يجب أن تكون عليه الساحة الثقافية والرؤية الثقافية العامة لدينا أشمل وأعم من فكرة أندية أدبية أو جمعيات ثقافة وفنون أو نحوها مبدياً اعتزازه بما قدمته المؤسسات الثقافية لدينا، إلا أن الأمر يتطلب ما هو أبعد من هذا.. وفيما يتعلق بالمنتديات والصحف الإلكترونية أكد خوجه أن بعضها يشكل خطراً ومن هنا نسعى إلى التنظيم لا الرقابة والمنع كما يشاع وتقريباً سيصدر تشريع وتنظيم يتعلق بهذا الشأن..
وأيد خوجه اقتراحاً يتناول تدريس وتضمين أسماء ونصوص أدبية لأدباء ومثقفين سعوديين في كتب الأدب الدراسية التعليمية حيث وعد بمخاطبة وزارة التربية والتعليم حول هذا الاقتراح..
وفيما يتعلق بمراقبة إذاعات الf m نفى خوجه هذا التوجه لدى وزارته قائلاً سنتبع مع الإذاعات ما نتبعه مع الصحف التي لا تخضع لأي رقابة نهائياً.. مؤكداً في ذات السياق على أنه لن يرفض تعيين رئيسة لتحرير إحدى الصحف فيما لو تقدمت إحدى المؤسسات بطلب ذلك ممثلاً ب»الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير الجزيرة والأستاذ جمال خاشقجي رئيس تحرير صحيفة الوطن» قائلاً لو تقدمت إحدى هاتين المؤسستين بطلب تعيين رئيسة للتحرير لما ترددت ولأصدرت الموافقة فوراً..
كما أعلن عن تخصيص جانباً من إنتاج مطبعة صحيفة أم القرى التي تعد المطبعة الأحدث في المملكة لإصدار سلسلة تعنى بتراث الثقافة في الوطن، وستحمل هذه السلسلة عنوان (ذاكرة الثقافة في المملكة العربية السعودية) وسيكون أول إصدار من هذه السلسلة في القريب إن شاء الله. وستتيح هذه السلسلة للأجيال الشابة الاطلاع على ما أبدعه أدباء ومثقفو الرعيل الأول في بلادنا من إنتاج أدبي وفكري أثرى ثقافتنا ووعينا. ورأى معاليه معرض الكتاب وأمثاله من المعارض تكون مادة طريفة للدرس والتحليل وقياس اتجاهات الرأي والنظر، في الصحف والجامعات ومراكز البحث وقياس اتجاهات الرأي العام, وقال: لكن ذلك كله ذو صلة وثيقة بما تعرفه مراكز البحث المتقدم بيوسيولوجيا الكتاب وصناعته، وما يتصل بها من قضايا بالغة الأهمية، أرجو لها وأنا في حضرة أهل الثقافة من المثقفين والمثقفات وأساتذة الجامعات أن ترصد هذه الثقافة الجديدة على مجتمعنا في أطروحات علمية مختلفة تدور كلها، وإن تباينت في المرجعية والمنهج، حول الكتاب وصناعته ونشره واستهلاكه. وأبدى الدكتور خوجة أمله أن يتمخض قريبا هذا اللقاء عن جملة من البرامج والمشروعات التي تصب كلها في صناعة الثقافة في الوطن التي تعبر عن فكر مثقفي المملكة ومثقفاتها. وطرح معاليه خطاطة أولية للاستئناس بالنقاش حولها وتقويمها وتصحيحها، وقال: مرت الثقافة العربية الحديثة والمعاصرة بموجات مختلفة في القوة والتأثير، وساعدت ظروف كثيرة على نماء تلك الثقافة في بيئتها المتعددة، وتأثرت بحركات التجديد الديني، وحركات الاستقلال الوطني ومناهضة الاستعمار، وكان للاقتصاد والسياسة والتعليم أثر في تشكيل تيارات فكرية وفنية وثقافية متخاصمة أو متصالحة، لكنها في كل أحوالها، رسمت ملامح ثقافتنا الحديثة بتبايناتها المتعددة. وأضاف: صار بمقدور المتتبع لخريطة الثقافة العربية الحديثة والمعاصرة رصد موجات متتالية لثقافة هذه المنطقة من العالم، وهي ثقافة أسهم كل بلد عربي بقدر ما في تكوينها وتشكيلها لكنها لم تتخلص من التباينات الأيديولوجية والنزعات السياسية والتمركز الثقافي الذي نجد آثاراً منه فيما اصطلحت عليه تيارات الفكر العربي الحديث بثنائية المركز والأطراف، وهي ثنائية ظالمة لا شك في ذلك وتنافي الحقيقة والتاريخ لأنها تخضع العمل الثقافي للمرجعيات السياسية ذات الطبيعة الأيديولوجية الخالصة. ورصد معاليه حركة الثقافة في المملكة العربية السعودية منذ نشأتها، وقال: هي ثقافة تنتمي الى الثقافة العربية الإسلامية، وتتصل في مختلف أطوارها ومراحلها بتلك الثقافة تأثراً وتأثيراً، واستجاب الخطاب الثقافي لأدبائها ومثقفيها لما يعصف به العالم من حولنا من أفكار وتيارات، وما جد على بلادنا من تحولات في السياسة والاقتصاد، فكل ذلك بين فيما يأخذ به خطابنا الثقافي ويشتغل عليه، لكن المتابع لحركة الثقافة في المملكة العربية السعودية يدرك خصيصة واضحة فيها: أنها ثقافة شابة ناهضة متوثبة، وأنها، لو تأملنا ذلك عميقا، ثقافة حوارية، وحين أقول حوارية لا يعني أن أقطابها متفقون فيما يأخذون به من شؤون الثقافة والأدب والفكر، لكنني ألمح إلى أن تلك الخصومة وذلك الجدل العاصف الذي يلفان ساحتنا الثقافية ما كان لهما أن يظهرا على السطح لولا الإحساس الذي يشعر به كل المشتغلين بالثقافة بأهمية الحوار وأثره في صناعة ثقافة وطنية جادة. وبيّن معاليه أن أبرز ما يجلي الثقافة في المملكة هو أنها ثقافة تقوم على مبدأ الحوار، وظهر تأثرها أخيراً بدعوة خادم الحرمين الشريفين للحوار الوطني مشيراً إلى الثقافة بصفتها نشاطاً مجتمعياً يستمد نماءه وغناه من الأسس التي قام عليها المجتمع في تاريخه الطويل. وأشار معاليه إلى أن الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون مؤسسات تنتمي إلى المجتمع المدني فهي نتاج الحراك الثقافي والاجتماعي في البلاد فسلمت هذه المؤسسات من تقاليد المؤسسة الحكومية البيروقراطية وكانت في تأرجحها قوة وضعفا نتاج المجتمع الثقافي وحراكه.
ورأى أن العلاقة ما بين وزارة الثقافة والإعلام والتكوينات الثقافية المختلفة في البلاد هي في مباركة هذه الوزارة لكافة أوجه النشاط الثقافي، وأن دور ووظيفة الوزارة يتحدد في تهيئة المناخات وتذليل العقبات وتقدير المبدعين والمتميزين من أبناء هذا المجتمع وإتاحة الفرصة لإبداعهم للظهور محلياً وإقليمياً ودولياً.