Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/03/2010 G Issue 13678
الخميس 25 ربيع الأول 1431   العدد  13678
 
في ظل التجاهل الرسمي لظروفهم.. الأقبية مأوى السعوديين الجدد
أطفالنا بين أيدي حضانات غير مرخصة وحاضنات مجهولات الهوية

 

مكة المكرمة - مريم الزهراني :

الأطفال هذه الهبة الغالية الآن، وفي هذا العصر، لم نسلمهم فقط للخدم والمربيات ليتولين تربيتم داخل المنزل بل أصبح البعض منا يسلم هؤلاء الأبرياء لسيدات لا يعلم عنهن شيئاً إلا أنهن يؤوين الأطفال بحثاً عن المردود المادي؛ لانشغالنا بالعمل والوظيفة، وحتى بزيارات السوق واجتماعات الصديقات.

لا تعرفها

الأستاذة نورة الجعدي تضع طفلها وعمره سنة وعدة أشهر حين ذهابها للمدرسة عند سيدة من جنسية عربية، سألتها: هل تعرفين هذه السيدة؟ فقالت: لا، فقط سألت عن حاضنة بين الزميلات فدلوني عليها.

وتساءلت: هل تأمنين على طفلك في غيابك ست ساعات يومياً عنه؟ فردت: أتوكل على الله، ليس هناك حل آخر؛ فليس في استطاعتي إحضار خادمة؛ فراتبي 1500 ريال وأهلي بيتهم بعيد جداً عن بيتي، وهو ليس بمفرده؛ فمعه خمسة من الأطفال هو سادسهم..! وتضيف أن الأجر الشهري للسيدة يبلغ 400 ريال. وحين سألتها عن مدى ملاءمة المكان وتهيئته لاستقبال الأطفال، أجابت بأن السيدة تسكن قريباً من المدرسة في غرفتين أشبه بالبدروم للعمارة، وهي تجلس مع الأطفال طوال الوقت، وأنا أضع له الرضعات وحبات الفاكهة وبعض الغيارات. نورة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل غياب تام للحضانات الحكومية وشبه التامة للحضانات الخاصة وأماكن العمل.

لا وجود للحضانات الرسمية

مرام الحرير (أم تركي) تضع تركي كل صباح عند سيدة سعودية، وتقول: يميز هذه السيدة أن لا أطفال آخرين مع طفلي؛ فهذه السيدة كبيرة في السن وهي تعيش بمفردها مع أبنائها الكبار، وهي بحاجة إلى المال لشراء منزل منذ مدة ويوجد عندها خادمة تهتم بطفلي، وقد فضلت هذه السيدة من معارفي، على الرغم من أن الإنترنت يحفل بعروض لحاضنات أطفال وهذه السيدة تأخذ مقابل ذلك 500 ريال شهرياً.

وترجع مرام السبب إلى عدم وجود حضانات رسمية؛ فسن ولدها لا يسمح بدخوله الروضة، وتضيف: في شرق الرياض كله لم أجد حضانة تؤوي طفلي حين ذهابي للمدرسة.

العمل دون ترخيص

السيدة أم عبدالرحمن حاضنة تستضيف الأطفال، وخصوصاً أبناء المدرسات والطالبات، وتقول: ظروف الحياة تجبرني على ذلك، وأنا - إن شاء الله - أمينة عليهم؛ فهم كأطفالي وأنا أهتم بهم وأنظفهم وأقدم لهم ما يوجد بحقائبهم من طعام، وإذا لاحظت التعب على أحدهم أقوم بالاتصال على والدته فوراً.

وتذكر أن السيدات اللاتي يضعن أطفالهن لديها مدرسات يعملن بمدرسة واحدة وقد تعرفت على إحداهن وهي جلبت لها بقية الزبائن.

وتضيف السيدة: ظروف الحياة أجبرتني على هذا العمل ومن دون ترخيص؛ فأنا لا أملك شهادة في رياض الأطفال، ولكني محتاجة إلى ذلك في ظل انقراض الوظائف النسائية.

وجبات للعاملات أيضاً

وفي زيارة لإحدى الحضانات غير المرخصة لمنزل سيدة عربية قالت ل»صحف» إنها تهتم بالأطفال وتحافظ على نظافة ملابسهم، ولا يوجد لديها إلا خمسة أطفال، السيدة تضع الأطفال في غرفة وتجلس معهم وهم يتشاركون تناول الطعام وشرب العصير.

وكان ل»صحف» زيارة لإحدى الحضانات التابعة لمدرسة أهلية حيث تقوم سيدة مصرية ومعها إحدى العاملات بالمدرسة باحتواء الأطفال أثناء دوام أمهاتهم (دون ترخيص طبعاً)، الحضانة في البدروم وهي عبارة عن غرفة صغيرة فيها ألعاب قد جمعتها الأمهات للأطفال، وكل أم عليها إحضار ساندويتش وعصير للطفل أو رضعة بحسب سنه، كما أن على كل والدة طفل إحضار وجبة رسمية للأطفال والعاملات؛ فدوام الأمهات في المدرسة ينتهي الساعة الواحدة والنصف، وتؤكد المشرفة على الحضانة أنها تهتم بالأطفال، ولكنها لا تستطيع إخراجهم للعب في ساحة المدرسة مطلقاً.

موعودات بملحق لأطفالنا

(ميمونة علي) إحدى خريجات رياض الأطفال وقد عملت برياض الأطفال، وترغب فتح حضانة تابعة للمدرسة الأهلية التي تعمل بها، وتقول: عدم وجود غرفة خالية هو ما يمنع أن نضع حضانة لأطفالنا تابعة للمدرسة؛ فالغرف بالكاد تكفي لتكون فصولاً للطالبات.

كما اتفقت نورة الجعدي على أن ما يمنع وجود حضانة في نفس المدرسة تجمع أطفال المدرسات بشروط ميسرة وسهلة من قبل وزارة التربية والتعليم هو عدم وجود غرفة في المدرسة، ونحن موعودات في السنة القادمة بملحق علوي في نفس المدرسة توضع فيه غرفة لأطفال أبناء المعلمات.

أخطر من جرائم الخطف والاعتداء

وحذرت هدى المطيري معلمة واختصاصية اجتماعية من ترك الأم لطفلها أثناء العمل بهذه الطريقة، حيث سينعكس سلباً على نفسيتها وسلوكها أثناء عملها. وتضيف: القلق وانعدام الراحة النفسية يؤثران في أدائها وجودة عطائها وعملها وقد يسببان لها نوبات من الحزن وانعدام التركيز والتشتت وقد يتطور الأمر مع ازدياد الضغوط إلى حالات من الاكتئاب؛ لذلك لا بدَّ من إيجاد حل لمثل هذه المشكلة.

وفي المقابل فإن ترك الطفل بهذه الطريقة فيه خطر إن لم يكن على حياته، فهو خطر على سلوكه وتربيته؛ فالأطفال أداة مطواعة وسهلة التشكيل في هذه السن وجرائم الخطف والتعدي أشهر من أن نشير إليها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد