غير أنه مُضمرٌ في تعاريج فكرك.., كلما هممت بالنسيان، عاد إليك بقوة،.. وكلما أغلقت عليه باباً، واجهك عند مخرج آخر.., وكلما ازدرت ريقك، انبرى طعمه في مذاقك، وكلما تسلَّّل النوم لجفنيك، اعترض مخيلتك،..
هاجسك المرافق، وغرضك المكنون، وهدفك المبطن، ورغباتك الخفية..,
ولأن ليس كل ما يحوك في جوفك, في استطاعتك أن تخرجه، فسيبقى في تعاريج فكرك، يركض مستبيحاً المضمارَ, وفي حضور ذاكرتك، مُطلاً على منافذ رؤيتك، وفي مسارب خيالك, مستعرضاً إغراءاته في دعة، وعند أبوابك, يقف المفتاح والضلفة، وفي نومك، يكون أحلامَك، وفي يقظتك, يتوحَّد رفقتك، يعسكر بكل قوته في أذنك، وعينك، ورأسك ولسانك، يحرّك بقدرته عليك خطوك.. ويرسم بمهارته، خطواتك ودربك،..
مهما تكن الحياة من حولك جميلة أو قبيحة، فهو المقرر لك جمالها، أو قبحها، ومهما يكن الوافدون لمحطتك, الراكبون قافلتك، يتفاوتون اتفاقاً معك، أو اختلافاً عنك، فهو الذي يهيئ لك، موقفك منهم، ومهما رضيت, زادك دافعية سخط، ومهما سخطت, لوَّن لك شكلَ ابتسامةِ رضاك...
أنت مِلكٌ له، هذا المُضمرُ فيك، المتسيِّدُ في داخلك...
و... إنَّ الحياة تتسع لك, ولغيرك، وإنَّ القوافل لا تقف من أجلك... فمن يحسب أنَّ ماء البحر ثابت ينتظره، لن يحمله الفلك الجاري... ولن تُفكَّ أغلالُ ما فيه..
فكلُّ ما هو لك,.. هو ليس لك، وكل ما فيك, فإنك لا تملكه،... وأعمق الأسى وأصدقه, هو تفريط في التَّطهر منه، وأنجع النجاح, هو التحلل من سطوته..