يقول الشيخ عبدالرحمن عثمان آل ملا في كتابه الصادر عن نادي الأحساء الأدبي بعنوان (الخليج العربي): تفيد نتائج الأبحاث الأثرية أن شرقي الجزيرة العربية، والأراضي الأخرى المطلة على الخليج، كانت من أقدم الأراضي التي عرفتها حياة الاستيطان البشري منذ أقدم العصور.
|
وأنها كانت مأهولة بالسكان منذ خمسين ألف سنة خلت، ويبدأ التاريخ المدون لهذه المنطقة على حد قول السير ولسون: من نحو سبعة آلاف سنة عندما زحف على إيران وشواطئ الخليج جنس طويل الرأس، يرجح أنه من آسيا الوسطى، ويتضح من آثار هذا الجنس المتراكمة في منطقة الخليج كالخزف والأسلحة أن ثقافة هؤلاء الناس المادية تعد أقدم مارسب في هذه الأراضي من ثقافات.
|
ويؤكد المؤلف أن الباحثين في تاريخ منطقة الخليج يعتقدون أن شجرة النخيل من أهم العوامل التي ساعدت على استيطانها منذ العصور السحيقة، ويرجح العلماء أن شرقي الجزيرة العربية، وجنوبها الشرقي كان الموطن الأول للجنس السامي، وأشاروا إلى أن (يبرين) التي تقع اليوم جنوب مدينة الأحساء كانت مواطن أبناء سام بن نوح، فقد سكنتها بعض البطون من (عاد) وذكر العلماء أن الآثار تشير إلى أن أقواماً من (عاد) و(إرم) استوطنت أراضي في بلاد البحرين، منها على سبيل المثال (ثاج) فقد وجدت هناك (ركية) منسوبة إلى لقمان بن عاد، وفي ذلك يقول أحد الشعراء واصفاً قصراً له أقامه في (ثاج) مفتخراً بأنه استخدم في بنائه حجارة كانت (إرم) قد استخدمتها في بناءٍ لها في المنطقة:
|
بنيت بثاجٍ مجدلاً من حجارةٍ |
لأجعله عزاً على رغم مَنْ رغم |
أثم طوالاً تدحض الطير دونه |
له جندل مما أعدت له إرم |
وأقول: إن معنى المجدل القصر المنيف، والأشم الشامخ العزيز، والجندل: الحجارة جمعها جنادل.
|
ولم ينسب المؤلف هذين البيتين لشاعر معين.
|
ويقول العلماء إن عدداً من قبائل (طسم) و(جديس) قد سكنوا هذه المنطقة وهم (بنوهف) و(بنوزريق) و(وبنومطر) ولهم فيها آثار منها: حصن (المشقر) في واحة الأحساء، وكذلك الكنعانيون الذين سكنوا البحرين ومنهم (العماليق) أولاد عمليق بن لاود بن سام بن نوح، ومنهم تنحدر قبيلة جاسم التي سكنت البحرين وعمان، وإلى الكنعانيين ينسب الفينيقيون الذين اتخذوا من جزر الخليج وسواحله الغربية سكناً لهم قبل نزوحهم إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط، أما السومريون والكلدانييون فيقال: إنهم هاجروا من منطقة الخليج العربي إلى بلاد الرافدين. وأقول: إن من يتأمل الحياة البشرية ومسيرتها التاريخية يشعر بصغر هذا الكون الفسيح، وبقصر هذا الزمن الطويل، فالأيام تجري طاوية من الأجيال والأمم، والمدائن والحضارات مالا يحيط بعلمه إلا الذي خلق هذا الكون وأودع فيه من الأسرار والعبر مافيه عبرة لمن اعتبر - سبحانه وتعالى -.
|
|
لم يخلق الرحمن في الدنيا لنا |
شيئاً بلا هدفٍ، له نترقب |
|