أن تصاحب الكلمة، وتعيش في رواق الثقافة والمعرفة، وتتنفس العلم، وتهب عليك روائح الإبداع من خلال أريج وعبق البلاغة وأجواء الفَهْم والتفهُّم.. فهذا جُلُّ ما يتمناه المرء، خاصة في العصر الذي طغت عليه المادية؛ حيث فُرض علينا العيش في حضارة فقدت معناها، وأصبح الإنسان الذي يعيش في زمنها متجرداً من إنسانيته وعاطفته ليلهث خلف المادة من مال وحجارة ليمتع نفسه بما يحصل عليه من دريهمات ويسكن في قوالب أسمنتية.
يقولون - وهو شيء مؤكد - إن الأمة التي تتخلى عن ثقافتها وتهمل فكرها فإنها أمة ميتة أو إنها في طريقها للزوال.
ما نعيشه كسعوديين منذ بدء فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب من عرس ثقافي فكري أشعل الحراك في هذين المنشطين اللذين يهذبان النفس وينميان العقل. هذا العرس سيتواصل قرابة الشهر، واليوم يكرَّم قائد التنمية وقادح الثقافة والفكر في بلادنا من خلال رعايته وتبنيه لكل المبادرات التي تدعم الثقافة وتسند الفكر النير؛ فمساء هذا اليوم يرعى الملك عبدالله بن عبدالعزيز توزيع جوائز الملك فيصل العالمية التي أصبحت معلماً من المعالم والمناسبات الفكرية العالمية. وبعد أيام يبدأ مهرجان الثقافة والتراث (الجنادرية)؛ لتتواصل أيامنا الثقافية التي تؤكد أن المجتمع السعودي مجتمع يعشق الثقافة ويتطور بالفكر والعلم، وشعب يقرأ ويحتضن التظاهرات الثقافية، ومنها معرض الرياض الدولي للكتاب الذي أصبح أهم معرض للكتب في الوطن العربي، محفوظاً بدعم ورعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي أحسن اختيار رجل ينفذ بأمانة توجيهاته بتكبير مساحة الثقافة في بلادنا؛ فأطلق الكلمة في فضاء من الشفافية والمصداقية؛ ليرتقي الإعلام السعودي إلى مراتب متقدمة؛ فالدكتور عبدالعزيز خوجة خيار موفَّق من قائد يوازن بين تنمية المجتمع ثقافياً وفكرياً ونماءً.
وقد لمس كل مَنْ زار وتجوَّل في أروقة معرض الرياض الدولي للكتاب أن الدكتور عبدالله الجاسر رجل التنفيذ الأمين ورجل الثقافة والإعلام الساهر الذي جنَّد نفسه وزملاءه من موظفي وزارة الثقافة والإعلام لجعل مهرجان الثقافة وتشيخ الكتاب عرساً يُنثر فيه زهور الفكر والمعرفة.
jaser@al-jazirah.com.sa