عرضت في مقال سابق لهذا الكتاب «الجرائم عبر الوسائل الحديثة» وبينت مواطن الإبداع فيه وسر اهتمامي الشخصي به، وسبب الحديث عنه في هذه الزاوية دون غيره، وبهذا الوقت بالذات حيث تحتضن العاصمة الرياض معرض الكتاب، وأشرت في نهاية المقال إلى أن مؤلفه اللواء ناصر بن عبدالله نويصر خلص إلى عدة توصيات هامة هي:
(العمل على نشر ثقافة الحاسب الآلي بين أبناء الوطن بالطرق التي تضمن مواكبة أبنائنا للتقدم العلمي وبدون إضرار بخصوصياتنا مع الحرص على مكافحة الأفعال التي تؤدى إلى إساءة استخدام هذه الوسائل للإضرار بالآخرين)، وبالفعل فنحن بحاجة إلى نوع من الثقافة المتطورة والمواكبة للمستجدات وتوظيفها التوظيف الأمثل في حياتنا اليومية ومن ثم جعل التقنية الحديثة ذات أثر إيجابي على واقعنا الحالي ومستقبل أيام حياتنا مع وجوب محافظتنا على هويتنا الذاتية وشخصيتنا المعروفة.
(تفعيل نظام جرائم المعلوماتية والعمل على تطبيقه عاجلاً على أرض الواقع لردع النفوس الضعيفة والتشهير بالمخالفين في وسائل الإعلام)، ونظام مكافحة جرائم المعلوماتية السعودي صدر بموجب المرسوم الملكي رقم (م - 17) وتاريخ 8-3-1428هـ بناء على قرار مجلس الوزراء رقم (79) وتاريخ 7 -3 -1428هـ، وينص النظام في مادته الأولى على أن المقصود بالجريمة المعلوماتية: أي فعل يرتكب متضمناً استخدام الحاسب الآلي أو الشبكة المعلوماتية بالمخالفة لأحكام هذا النظام، ويهدف النظام إلى الحد من وقوع جرائم المعلوماتية، وذلك بتحديد هذه الجرائم والعقوبات المقررة لكل منها، وبما يؤدي إلى ما يلي:
1 - المساعدة على تحقيق الأمن المعلوماتي.
2 - حفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام المشروع للحاسبات الآلية والشبكات المعلوماتية.
3 - حماية المصلحة العامة والأخلاق والآداب العامة.
4 - حماية الاقتصاد الوطني.
وتتنوع العقوبات وتختلف حسب نوع الجريمة، وهذا ما نصت عليه المواد الواردة في النظام، وأعتقد أن من الأهمية بمكان نشر هذه المواد والإعلام عنها بشكل موسع والتوعية بخطورة هذا النوع من الجريمة التي قد ترتكب من صغار السن دون وعي بخطورتها وشدة العقوبة عليها سواء داخل المملكة أو خارجها.
(إعادة النظر في آلية حجب المواقع بسبب أنها أصبحت وسيلة غير فاعلة في ظل انتشار المئات من هذه المواقع وسهولة تجاوز الحجب)، وهذه التوصية محل سجال وخلاف واسع بين الكثير من الكتاب والمنظرين وكلٌّ له مبرراته التي يدعم بها توجهه ويعزز بها قناعاته.
(الاهتمام التربوي في التعليم العام والجامعي وتكثيف البرامج التوعوية بخطورة هذه الجرائم على الوطن وأبنائه)، وهذه من أهم التوصيات التي تقع على عاتق الجامعات ومدارس التعليم العام خاصة المرحلة الثانوية.
إيجاد البدائل المناسبة للشباب من المواقع الهادفة المفيدة وملء أوقات فراغهم بما ينفعهم.
نشر وتدعيم الأخلاقيات الفاضلة للتعامل مع الحاسب الآلي بين أفراد المجتمع، وأخلاقيات عدم إلحاق الأذى والضرر بالآخرين أثناء التجول في عالم الإنترنت تجنباً لإلحاق الضرر بمستخدمي هذه التقنيات.
وضع قواعد ومعايير متفق عليها ومعترف بها للتعامل مع الأدلة الناشئة عن الوسائل الحديثة، وطرق التحقيق بها تسهيلاً لرجال التحقيق والتحري.
تفعيل مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبر الفضاء الإلكتروني، والحث عليه من أجل منع الإساءة والتشهير بالآخرين عبر شبكة الإنترنت، ومنع الأفعال المشينة والتصرفات غير اللائقة، بحيث يتم تحفيز وتفعيل الرقابة الذاتية والمجتمعية قبل الرقابة الأمنية.
هذا ما انتهى إليه الكاتب مشكوراً، وهو ينبه فيما كتب إلى أن الجريمة في عصر العولمة الجديد ليست هي فقط ما كان معروفاً فيما سبق بل لها وجه آخر خطير يجر خلفه الفساد والدمار على مستوى الفرد أو الأسرة أو حتى المجتمع المحلي وربما أخذت الجريمة المعلوماتية صبغة العالمية بتجاوزها الحدود الجغرافية المعروفة، وقد يكون مقترفها صغير سن غُرر به واعتقد أنه بمنأى عن المساءلة ومن ثم المؤاخذة والعقاب ولذا من الضروري إدراك ولي الأمر ووعيه بهذا العالم الجديد «الإنترنت»، وكذا «البلوتوث» وما مثلهما من الوسائل الحديثة حتى لا يفاجأ بتلبس ابنه في جريمة من هذا النوع وحينها لات ساعة مندم.. وإلى لقاء والسلام.