Al Jazirah NewsPaper Monday  08/03/2010 G Issue 13675
الأثنين 22 ربيع الأول 1431   العدد  13675
 

من القلب
عندما تعاطيت المنشطات !!
صالح رضا

 

يقول الخبر الذي نشر في عدد صحيفة الجزيرة رقم 13673 يوم قبل أمس السبت: (فوجئت لجنة الكشف عن المنشطات التي حضرت إلى نادي الاتفاق لإجراء اختباراتها الاعتيادية على اللاعبين المشاركين في بطولة المملكة للأندية لكمال الأجسام المقامة في نادي الاتفاق بهروب عدد كبير من اللاعبين المشاركين الذين وصل عددهم إلى 46 لاعباً هربوا من النادي؛ خوفاً من أن تشملهم الاختبارات؛) إلى آخر الخبر..

هذا ومنذ زمن طويل جداً وأنا أحرص على الاشتراك في أندية اللياقة البدنية التابعة للفنادق.. وكانت هذه الخدمة غير متاحة إلا لأناس محدودين.. قد يكون للقدرة المالية دور في ذلك.. والآن أصبحت متاحة للجميع وبأسعار متفاوتة.. بل أنشئت أندية لياقة بدنية مستقلة تعنى بهذا الأمر.. وهذا أمر حميد ومطلوب.. حتى أن الإحصائيات أثبتت أن من لياقته عالية ممن يتعرضون للحوادث المرورية.. تكون نسبة النجاة لديه كبيرة أكبر ممن هم أقل لياقة وقوة.. وطبيعي تكون قدرة الله هي الفيصل في الأمر.. ولكن هذه نتائج دراسات يجب احترامها لأنها مبنية على البحث العلمي.

وكنت وما أزال ملتحقاً بنادي لياقة بدنية بفندق كبير في جدة.. ومنذ سنوات قد تصل للعشر.. رأيت بعض المتمرنين يؤدون تمارينهم بصورة متميزة يحسدون عليها.. وتظهر عضلاتهم بصورة رائعة.. وبعد البحث والتقصي والتقرب منهم... قال لي أحدهم: لماذا لا تفعل مثلنا؟!.. وتأخذ كبسولات تنشط لك الدورة الدموية وتعطيك طاقة لتؤدي تمارينك بصورة أفضل وتحصل على نتائج مدهشة.. وهذه الكبسولات عشبية وغير كيمائية موجودة وغير محظورة.. وتوجد بمتاجر الأعشاب الطبيعية المنتشرة في كل أرجاء جدة ومدن المملكة.

فكرت في الأمر.. وأنا أنظر للمتمرنين وهم في تمارينهم يجيدون.. فيرتد مني البصر وهو حسير.. وأصبحت أشعر بالغيرة منهم.. حتى عزمت أن أصير أفضل منهم.. كما قال الشاعر العربي في البيت الذي فيه صدره أفضل من عجزه.. حين قال:

ونحن أناس لا توسط عندنا

لنا الصدر دون العالمين أو القبر

رغم أني لم أكن متوسطاً بين أولئك القوم.. بل كنت في المؤخرة.. من حيث العطاء في التمارين.. والبناء العضلي قياساً بالرفاهية (الركوب المستمر للسيارة واستخدام المصعد) إلخ.. مثل أكثر السعوديين.. مما جعلني أطلب اسم الدواء المنشط من أحد المتمرنين.. وأتوكل على الله.. ومن أقرب موقع لتلك المتاجر العشبية اشتريت علبة من ذلك العقار المنشط والمسموح به.. وتأكدت من عامل المتجر حول سلامة العقار.. فرد بعربية مكسرة: (هذا دواء كويس كتير يخليك قوي ومبسوط وينقص وزن بسرعة ويطلع عضلات قوي)!! قلت: مبسوط وقوي وينقص الوزن وينبت العضلات بعد ضمورها.. لهو إذن أكسير الحياة الذي نسمع عنه ولا نراه.

كنت أسير على سير المشي والعدو الآلي مسافة ثلاثة أكيال بطلوع الروح.. وبعد (التعاطي) ومن أول (جرعة) وجدتني أسير وأهرول خمسة أكيال.. فثمانية.. وأكمل التمارين على الأجهزة الموجودة بالنادي.. حتى إنني في إحدى المرات كنت أشاهد مباراة محلية وأنا على السير وانتهت المباراة وما زلت أسير بجد ولا أخرج حتى أؤدي جميع التمارين المتاحة وغير المتاحة.. فأقترب مني أحدهم وقال: هاه كيف الأمور معاك يا أخينا؟.. قلت: روعة.. وينك من زمان ما قلت لي على هذا العقار العجيب.

الحقيقة شككت في الأمر بعد أحد التمارين.. فاتصلت بصديق.. وهو طبيب سعودي بارع موجود بالرياض وأثق فيه ثقة عمياء.. وبشرته بهذا الاكتشاف المذهل.. فقال: أي مذهل هذا يا رجل.. فمن يتعاط هذه العقارات حتى ولو كان مسموحاً بها.. أو من الأعشاب الطبيعية فلا تعتبر آمنة، وأردف قائلاً: هل تعلم أنك كنت معرضا للسقوط والموت الفجائي في أية لحظة أثناء تمارينك الشاقة؟!!.. ثم هل قاس لك طبيب مختص الضغط واختبارات القلب حتى يصف لك مثل هذا العقار.. اذهب الآن إلى أقرب مستشفى وقس ضغط دمك ومن ثم أخبرني وأنت هناك.

قست الضغط فكانت النتيجة مفجعة.. إذ كنت قاب قوسين أو أدنى من الخطر المميت الذي يهدد الحياة.. فطلب مني (صديقي طبيب الرياض) عدم الخروج من المستشفى حتى يتم إنزال ضغطي.. وتفاهم مع طبيب المستشفى وأعطيت علاجات ساعدت في انخفاض ضغط الدم.. وأنا في طريقي إلى المنزل قال لي صديقي الطبيب الكبير هاتفياً: لتعلم أنه أثناء تداولك لذلك العقار وحتى لو لم يكن خطراً على حياتك.. فإنه يدمر القلب حيث تتضخم عضلة القلب.. ويصيب الكلى والكبد بأعطاب أكيدة وغير قابلة للعلاج دون أن تحس بذلك إلا بعد فوات الأوان.. قلت الحمد لله الذي نجاني قبل أن أهلك.. علما أن ذلك العقار سحب بعد ذلك من تلك المتاجر التي تتعدى بسلامة عقاراتها وهي سم ناقع يشربه الناس دون علمهم.

ولكن يبقى ذلك العقار رحمة مع الإبر وما أدراك من الإبر.. وتلك قصة أخرى لا يستوعبها المقام ولا المكان.. ولكن أشك أن لها علاقة وثيقة بالخبر أعلاه.. والله المستعان.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد