«يقرأ الماضي الآن ليس كما يقرأه من قبل, ويحدس الآتي على خلاف ما كان يظنه, وينظر إلى نفسه على نحو مغاير لنظرته إليها في أول مرة»
من كتاب علي حرب (خطاب الهوية)
كم منا الآن بلغ هذه المرحلة وتملكته معرفته لنفسه حتى صار يدرك بعد عبوره لتجارب وأفكار وخبرات وقراءات أنه لم يعد هو!
غير أنه بقي ثابتاً، لم ينسلخ عن جلده ولم يتنكر لتاريخه ولم يتخل عن معتقده، لكنه لم يعد هو!
لم يعد نسخة تشبه الملايين من الذين يتراصون حوله، يختلف، يفترق، يتمايز، أي مصطلح لك أن تخلعه عليه لكنه لا يشبه اللواصق المكررة التي توضع على عقول من حوله.
ينتمي لكل هؤلاء انتماء الهوية واللغة، وله بعد ذلك أن يقرأ ويستشرف ويظن ما يريد وفق قراءاته الخاصة للحياة بعد أن اكتشف أنه لا يمكن أن يكون رقماً محشوراً بين ملايين الأرقام المتشابهة!!
مد لي شاب تبدو عليه سيماء الصلاح التي اتفق عليها القوم وجعلوها علامة فارقة تميز بين الخبيث والطيب، مد لي كتيباً في معرض الكتاب لمحت عنوانه (نساء في النار) كنت أود أن آخذه لأنني لم أعتد أن أتخلى عن أريحيتي وأخلاقي الكريمة، لكنني لم أحتمل هذا الاستفزاز، فلو كان هناك كتيب آخر بعنوان (رجال في النار) لكنت تقبلت الأمر لكن لماذا تختص صفة الترهيب من قبل هؤلاء للمرأة وحدها، قلت شكراً لست بحاجته ومضيت، انتصرت للمرأة داخلي، ورفضت أن أقرأ هذا التهديد الذي يفترض مسبقاً أنني مقصرة ويخيفني وحدي فقط لأنني أنثى ولم أخلق ذكراً، ما علم أنني لم أقل يوماً في حياتي ليتني خلقت رجلاً فقد سعدت بكوني امرأة سعادة لا تدانيها إلا سعادتي الآن بأنني عرفت نفسي، تماماً مثلما قال علي حرب إنني أنظر لنفسي على نحو مغاير لرؤيتي لها أول مرة، لقد خبرت وعرفت وقرأت وأمسكت بأول خيوط الضوء التي كلما تبعتها كلما اتسعت بقعة الضوء في رأسي ومازلت أمضي، حفية بأهلي بتاريخي وجذوري وثابتة في معتقدي، غير أنني عرفت نفسي وأدركت هويتي.
fatemh2007@hotmail.com