يُحكى أن رجلاً كان يسير في الصحراء راكباً على ظهر جمَل، وهو في طريقه وجد تائهاً يطلب المساعدة، فأركبه خلفه مكملاً الطريق، فقال الراكب لصاحب الجمَل: ما الذي تضعه في هذه الجيوب التي على جانبي الجمَل؟ فقال: الجانب الأيمن تمر والأيسر حجارة، فقال له لمَ الحجارة؟ فقال: لكي تضبط التوازن ولا يسقط التمر! فتعجب الراكب قائلاً له: لماذا لا تقسم التمر جزءين، وترمي الحجارة، لقد أنهكت ظهر الجمَل! وبعد أن عمل صاحب الجمَل بنصيحة الراكب، وأكملا الطريق قال له: كم تملك من الجِمال؟ فقال الراكب: لا أملك شيئاً! فنظر إليه بازدراء وأوقف الجمَل وأعاد الحجارة إلى مكانها وأكمل المسير! عند التأمل لوضع الغرف التجارية في المملكة، سنجد أنها تُعاني عدة أمور، أبرزها « عدم وضوح المهام والأدوار، والعمل لأجل الخبر، وتضارب المصالح والصلاحيات « فبعض الذين ينضمون لمجالس الإدارات أو عضويات اللجان يكون هدفهم الرئيسي بناء العلاقات، وإضافة بند إلى السيرة الذاتية!، والبعض الآخر الذي يريد العمل يقع بين طرفي نقيض، طرف هم زملاؤه الأعضاء الذين لم يترشحوا لكي يعملوا شيئاً غير السمعة، والطرف الآخر هو موظفو الغرف نفسها، فبعض موظفي الغرف لا يدركون أنهم يعملون في مؤسسة غير ربحية تعمل لخدمة قطاع الأعمال أو ربما لا يريدون فهم ذلك، فيتعاملون مع رجال الأعمال الذين تطوعوا لخدمة قطاع الأعمال ومن ثمَّ الاقتصاد والمجتمع وكأنهم موظفون مثلهم أو عندهم أحياناً! يقول المثل الغربي»إذا كنتَ لا تعرف ماذا تريد، فإنك لن تجده أبداً! «
ولاشك أن الغرف التجارية حققت إنجازات عظيمة خلال الخمسين عاماً الماضية لا يمكن إنكارها فقامت بالكثير من الدراسات واستقطاب الاستثمارات ومجالس الأعمال المشتركة التي ساهمت في فتح المجال وحماية المستثمرين أحياناً في العديد من الدول والمنتديات والمؤتمرات وكانت صوتاً مؤثراً لقطاع الأعمال وغيرها كثير ساهم بذلك الكثيرون سواءً من أعضاء المجالس واللجان أو موظفي الغرف وأماناتها.
ولكن السؤال: هل نقيس مدى الرضا بناءً على ما تم إنجازه أم بناءً على ما نُريد؟ في ظني أن الإجابة من الكبار ستكون بناءً على ما تم، وأما الشباب فيقيسون بناءً على ما يطمحون، أي المستقبل وليس الماضي والأفضل هو الجمع بين الروحين.
لذلك، كلنا أمل أن يتبنى مجلس الغرف ومن بعده الغرف بالمناطق مشروعاً يهدف لإعادة النظر في وضع الغرف في بلادنا، يرتكز على عدة أسئلة رئيسية منها « ما دور الغرف؟ وماذا نريد منها؟ وكيف نحقق ذلك؟ وماذا نحتاج من موارد؟ ومن سيقوم بذلك وبمن نستعين؟ « وتكون إجابات محددة وقابلة للقياس يجيب عنها من يمثلون كل شرائح الغرف من مجالس ولجان وموظفين ومنتسبين ويكون ذلك وفقاً لمنهج علمي وعملي يُعد من قِبل شركات متخصصة، ينتج عن ذلك أهداف استراتيجية، تشكل استراتيجية متكاملة، تُبنى بعد ذلك « ثقافة مؤسسية « تعالج الإشكالات السابقة لتتحقق التطلعات بإذن الله وعندها يمكننا القول إن صاحب الجمَل كان مصيباً عندما استشار من لا يملك الجِمال وكان مخطئاً أيضاً عندما رفض استشارته، فكلا الطرفين يحتاج إلى الآخر!
كاتب ورجل أعمال
majed@alomari.com.sa