Al Jazirah NewsPaper Monday  08/03/2010 G Issue 13675
الأثنين 22 ربيع الأول 1431   العدد  13675
 
بين قولين
حضور الكتاب
عبد الحفيظ الشمري

 

تعيش العاصمة هذه الأيام فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، حيث يؤمل من هذه الفعاليات أن تعزز حالة الثراء المعرفي، والتواجد الثقافي، والحضور الأدبي، في وقت تنشط في هذا السياق الاحتفائي حالات التجوال الاستطلاعي الذي يتظاهر جله بأنه من أجل التسوق واقتناء المؤلفات، وقد يكون الحضور في جهة أخرى من قبيل التفتيش عن كل ما يشبع الفضول ويلبي الرغبات في التعرف ولو عن بعد على هذا المشهد الذي يبدو مهيباً وفي غاية في الفرادة.

ففي المعرض وبعد مرور خمسة أيام يُقدَّرُ للزائر أن يخرج برؤية واضحة وتصور كامل عمَّ صارت إليه أمور العلاقة بين الكتاب والقارئ، لاسيما في أزمة ما بات يعرف عند الناشرين بعدم الثقة بين الكتاب والمتسوقين.. تلك التي تسببت حسب زعمهم في هذه القطيعة المعرفية.

فربما تعاد أسباب هذه القطيعة إلى ارتفاع سعر الورق والحبر الذي انعكس سلباً على سعر الكتاب، وغلاء المعيشة من جهة أخرى.. فلن ترى من هؤلاء إلا الذين يذهبون لمجرد التأمل والمشاهدة أي «الفرجة» وذرع أروقة المعرض طالما أن أسعار المؤلفات تقشعر من تورمها الأبدان!! فالأولى لهذا الإنسان أن يوازن مصروفه ويبحث عن حلول تعالج ميزانيته المتهرئة بدلاً من هذا الحضور المصطنع في كرنفال الكتب المحاط بأساور الغلاء.

فمن هؤلاء الذين يغنون على ليلاهم في معرض الكتاب واحد يبحث عن الرواية سابعة في المرحلة الثانوية، وآخر يبحث عن كتب مجد القبيلة، وهناك سيدة تبحث عن كتاب فك السحر، وأخرى تأمل بولع خفي أن تجد الطريقتين معاً في كتاب واحد؛ عقد السحر وفكه عند الحاجة، وآخرون لا يكلون أو يملون من البحث عن مزيد من الفرص في التقرب المبتغى إلى ناشر يزعم أنه على علاقة حميمة معه منذ زمن. سبب آخر في تحول المعرض إلى مجرد حملة علاقات عامة وزيارات ومواقف وتحزبات، هو أن المعرض يقدم للقارئ وكأنه احتفاء أو احتفال وقد يكون من قبيل عقد الصلح مع بعض المتخاصمين والتظاهر أمام كاميرا بعض القنوات والفضائيات بأن الوقت قد حان لمجده الموعود وهو لا يعدو كونه من قبيل الوعود.

فلمن قدر لهم زيارة معارض الكتاب الدولي في بيروت والقاهرة وتونس وعمان ودمشق يلحظ الفارق بين ترتيباتنا وترتيباتهم، إذ إن سكينة ما تحل على المعارض الأخرى وأهلها وروادها في كل عام نزور فيه القاهرة أو بيروت إلا أن الأمور لدينا تشبه الاستعداد لغزوة ما، نزعم فيها أننا سنرد الثار لمناوئينا المفترضين.

فقد ذكر أحد رواد معرض الكتاب العام الماضي موقفاً طريفاً يؤكد أننا لا نزال نؤزم هذه المناسبة ونخلق منها أشياء بعيدة عن حضور الكتاب وروح المناسبة، فقد شاهد بأم عينيه احتشاد الوجوه وتدافع الصفوف وكثرة القبل (مد يدك.. سامح يا رجل) أمام أحد دور النشر حيث عرف السبب لاحقاً أن هناك صلحاً ما بين مثقفين متخاصمين، فقد تخيّل الرجل في هذا المشهد أن معرض الكتاب قد تحول إلى ساحة عرس، أو صلح في وقت بتنا فيه أشد حاجة إلى استلهام حالة الوعي في هذا المشهد الذي لا يعدو كونه سوى معرض للكتاب يطل كل عام.



alhumoodmail@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد