تشريفُ سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز حفظه الله لحفل أعضاء شرف جمعية الأطفال المعوقين هو تكريمٌ من العيار الثمين لهذه الدار التي تعيش في عقدها الثالث من عمرها المديد أبْهى مواسِم العطاء!
وهو تكريمٌ لنا جميعاً، مجلسَ إدارة وأعضاء شرف وعاملين، فنيين وإداريين، وداعمين ومستفيدين.. وأولياء أمور، ذكوراً وإناثاً.
وهو تكريسٌ لاهتمام سموه الكريم حفظه الله بقضية الإعاقة، ورعايته للمرْزُوئين بها من أبناء وبنات هذا الوطن!
وهو أخيراً تذكيرٌ للناس أجمعين بمواقف البر والعطاء التي غمَر بها سموه هذا الصرحَ الإنساني الرائعَ منذ أن كان في المهد وليداً!
وبهذه الخطوة الجليلة، يمنحُ الأبُ الجليلُ ابنَه البار سلطان الإنجاز - باسم آلاف المعاقين في طول هذه البلاد وعرضها - (وسام) استحقاقٍ رفيعَ الشأن، ساميَ الرمز، نبيلَ المعاني لقَاء ما بذله ويبذله من جهود مضنية منذ نحو عقديْن من الزمن خدمةً لهذا المرفق الإنساني الشامخ، بعد أن ازْدَهَرَ عطاءً وازْدادَ شمُوخاً منذ أن تولى سموه دفة القيادة له، فاجتهدَ وناضلَ وبذلَ كي يجْعلَ (الإعاقة) قضيةً وطنية تَتَحدثُ عنها كواليسُ الدولةِ والقطاع الخاص، بعد أن كانت مسألةً لا يَطرقُ السمعَ عنها سوى حديثٍ هو أدْنى إلى الهمْسِ من وراء حجاب!
كانت الإعاقةُ في زمنٍ ما تعيشُ في كهوف (العيب) والإنكار والتستر، وجاء (الرائدُ) سلطان بن سلمان لينْتَشِلَ ضَحاياها من إعاقتهم كي يتنفّسُوا هواءَ الخلاص تحت أشعة شمَسِ الفضيلة، وليكُونُوا ملءَ أسماع وأبصار الحقِّ والحقيقة! يصبحُ العملُ في سبيلها مشواراً من الفرح والفخر ويُمْسِي الحديثُ عنها في كلِّ مهجة وعلى كل لسان!
لقد أسعدني الحظُّ قبل حين من الزمن، حين شرُفتُ بخدمة هذه الجمعية منضَمّاً بذلك إلى موكب الخير بقيادة سلطان بن سلمان، وأعطيتُ من نفسي ومن طاقتِي المحدودةِ القدراتِ - عضواً بمجلس إدارتها وفي بعض اللجان المنبثقة عنه وعلى مدى تسع سنوات - أعطيتُ ما اسْتطعتُ دعْماً لحُلم سلطان في الانتقالِ بهذا الصرح إلى آفاقٍ أوسعَ انتشاراً وأثرى عطاءً، وكانت فلسَفة هذا الرجل الفذّ تقوم على محاولةِ استكشافِ كلّ ما يمكنْ أن يُفْرزَه العلمُ الحديث وتطبيقاتُه من خبرات ووسائلَ فنيةٍ ونفسيةٍ وإنسانيةٍ لدعْم جهود الكفاح ضد الإعاقة، وتوسيع نطاق الخلاص منها ليشْمَلَ مناطقَ متفرّقة من المملكة، غرباً وشمالاً وجنوباً وشرقاً، كنتُ أستمدُّ من حماسِ سلطان حمَاساً، ومن صمُوده أمام العقباتِ.. جُرْعاتٍ غنيةً (بسُعرات) الإيمان والتفاؤُل والثقة ثم الوعد الجميل بغدٍ أفضلَ للمعاقين!
وجاء يومٌ اضطُررْتُ فيه، أمام كثافة عملي الحالي وضغوطه وإلحاحاته.. إلى التماس العذْرِ من رائدِ المسَار سلطان بن سلمان، بعد أن تَبيَّنَ لي أنَّ المواءمةَ بين لوَازمِ طموحِه الجميلِ ومسؤوليات عملي لم تعدْ مُمكنةً ولا مُلائِمة، وأنَّ استمرارَ الارتباط بعضوية المجلس تعني المزيدَ من تقصيري في خدمة هذا الصَّرحِ، وتصعيد شعوري بالذنب نتيجةً لذلك.
لكنَّ قلبي بعد الرحيل عن الجمعية ظلَّ وسيبقَى بإذن الله وفياً لها، متعلِّقاً بها، ومتابعاً لإنجازاتِ الطموحِ من أجلِها على يَدِ صانع الخير ورائده سلطان بن سلمان، ومَنْ معه من الأخْيَار المخلصين، ووفَّقَ الله الجميعَ لفِعْل كلِّ ما هو مُثْمِرٌ وجميل.