Al Jazirah NewsPaper Friday  05/03/2010 G Issue 13672
الجمعة 19 ربيع الأول 1431   العدد  13672
 
أجريت في الرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة والدمام.. دراسة علمية تؤكد:
عدم قيام أئمة المساجد بدورهم في إرشاد المصلين من خطورة التسول

 

الرياض - خاص بالجزيرة :

كشفت دراسة علمية متخصصة أجريت في المملكة العربية السعودية وطبقت ميدانياً في خمس مدن رئيسة الارتفاع المطرد والملحوظ في أعداد المتسولين من غير السعوديين، وأن الغالبية العظمى تم القبض عليهم في مدينة جدة، ثم مكة المكرمة، ثم الرياض، وبناءً على ذلك أوصت الدراسة بضرورة تنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة بمكافحة التسول في المملكة، ودعمها بالأفراد والمعدات لمكافحة هذه الظاهرة والحد من آثارها.

وبيّنت الدراسة - التي أجراها فريق علمي متخصص برئاسة الدكتور مساعد بن إبراهيم الحديثي - بعنوان: (ظاهرة التسول وآثارها الاقتصادية والأمنية والاجتماعية)، التي شملت عينتها الميدانية خمس مدن هي: مكة المكرمة والمدينة المنورة، والرياض، وجدة، والدمام أن الغالبية العظمى من المتسولين من أجانب وليسوا مواطنين، وأن غالبيتهم قدموا إلى المملكة عن طريق التسلل، أو التخلف عن السفر بعد أداء الحج أو العمرة، موصية بضرورة التركيز على الحد من ظاهرة التسلل على الحدود اليمنية، ووضع الضوابط والإجراءات النظامية لذلك من الجهات ذات العلاقة، وكذلك يكون الحال بالنسبة للمتخلفين بعد أدائهم مناسك الحج والعمرة.

كما أكّدت الدراسة أن معظم المتسولين يتسولون في الأسواق، وعند الإشارات المرورية، ثم في المساجد، وبناءً على ذلك يوصي البحث بضرورة التركيز على الأسواق، والإشارات المرورية من قبل حملات المكافحة.

واستعرضت الدراسة بعضاً من أهم أسباب انتشار ظاهرة التسول - التي توصلت إليها- ومنها تعاطف أفراد المجتمع مع حالة المتسول، وبناءً على ذلك يوصي البحث بضرورة توعية أفراد المجتمع من خلال أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وكذلك من خلال الخطب في المساجد والدروس، بخطورة هذه الظاهرة وآثارها السلبية على المجتمع من النواحي الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، حتى يمكن الحد منها ومن آثارها، وكذلك عدم وجود رادع قوي يمنع من التسول، وضعف تطبيق النظم واللوائح، وبناءً على ذلك يوصي البحث بضرورة إصدار العديد من النظم الرادعة مثل تطبيق عقوبة السجن على المتسول، أو الغرامات المالية والتشدد في تطبيق النظم واللوائح المعتمدة حتى يحد ذلك من هذه الظاهرة.

ووفقاً لنتائج الدراسة فإن من ضمن الأسباب ارتفاع معدلات البطالة وعدم كفاية الضمان الاجتماعي بالنسبة للموطنين، وبناءً على ذلك يوصي البحث بالعمل على إجراء المزيد من الدراسات على الأسر السعودية التي لا يكفيها الضمان الاجتماعي الحالي، وذلك للعمل على زيادة مخصصات الضمان الاجتماعي لهم، وكذلك العمل على إيجاد وظائف وأعمال للعاطلين عن العمل، حتى يمكن الحد من هذه الظاهرة بين السعوديين، كما أشارت إلى كثرة المتخلفين من العمالة الوافدة، وبناءً على ذلك يوصي البحث بضرورة العمل على دراسة نوعية العمال المستقدمين، حتى لا يكون الاستقدام مفتوحاً للجميع، ووضع قواعد ونظم محددة لاستقدام العمالة وترحيلها بعد انتهاء ما استقدمت من أجله.

ونبّهت الدراسة إلى أن ضعف إمكانات حملات مكافحة التسول أسهم في انتشار هذه الظاهرة، وتعدد الجهات المسؤولة عن ذلك، وبناءً على ذلك يوصي البحث بضرورة دعم إمكانات حملات مكافحة التسول والتنسيق بين الجهات المسؤولة عن المكافحة، وجعل الضبط والقبض من مسؤوليات الجهات الأمنية وليس من مسؤوليات مكاتب مكافحة التسول، والعمل على دعم الجهات المسؤولة عن ضبط الحدود بالمعدات والآليات واستخدام أحدث ما وصلت إليه تقنيات العصر في ضبط الحدود ومنع التسلل حتى يتم الحد من هذه الظاهرة.

ولفتت الدراسة النظر إلى أن من أسباب انتشار ظاهرة التسول عدم قيام أئمة المساجد بدورهم المتمثل في إرشاد المصلين حول هذه الظاهرة ووجود حرج في منع المتسول من الوقوف أمام المصلين والتحدث معهم، وبناءً على ذلك يوصي البحث بضرورة حثِّ أئمة المساجد على توعية وإرشاد المصلين حول هذه الظاهرة ومنع المتسولين التسول في المساجد والإبلاغ عنهم.

كما أوصت الدراسة بضرورة عقد دورات تدريبية للعاملين بمكاتب مكافحة التسول لتعريفهم بأحدث التقنيات الحديثة التي يمكن استخدامها في مكافحة التسول والحد منه، وكذلك تعريفهم بالأساليب الجديدة والطرق والآليات التي يتبعها المتسولون ويستخدمونها، كما أوصت بضرورة التنسيق والتعاون بين الأجهزة الحكومية المعنية بمكافحة التسول، والقيام بعملية تنظيم وجمع وتوزيع الزكوات والصدقات، حتى تصل لمستحقيها لكي تسهم في الحد من هذه الظاهرة، ومتابعة حالة المتسولين من السعوديين بعد الإفراج عنهم، ودراسة حالاتهم.

وأشارت الدراسة إلى أن من الطرق والأساليب المتبعة في التسول بيع أشياء بسيطة عند الإشارات المرورية وعلى الأرصفة وأمام المساجد، وبناءً على ذلك أوصت الدراسة بضرورة متابعة من يقومون ببيع مثل هذه الأشياء، وترحيل غير السعوديين بعد معاقبة كفلائهم، ودراسة حالة السعوديين منهم، ومن الأساليب كذلك عرض الصكوك والوثائق، ولذا لا بد من معرفة الجهات التي تصدر هذه الصكوك والوثائق ومتابعتها للحد من هذه الظاهرة التي خلّفت آثاراً أمنية خطيرة، والقيام بدراسات وبحوث متعمقة عن هذه الآثار السلبية والعمل على توعية أفراد المجتمع بها للحد منها ومن أضرارها، ومن الأساليب استئجار المنازل المهجورة في بعض الأحياء القديمة في المدن وأطرافها، مما يؤدي إلى انتشار الجرائم الأخلاقية وترويج المخدرات والخمور، وبناءً على ذلك يوصي البحث بضرورة قيام الجهات المسؤولة ذات العلاقة بدراسة أوضاع هذه المنازل والعمل على إزالتها، وتطبيق غرامات وجزاءات مالية على مالك العقار الذي يؤجر للمتسولين والمتخلفين.

وطالبت الدراسة بتفعيل دور الجمعيات الخيرية في مكافحة التسول، والعمل على توظيف مختصين على الحدود لمعرفتهم بأساليب التسلل والمتسللين للحد من هذه الظاهرة، وإيجاد خط هاتف ساخن خاص بالتسول لدى مراكز الشرطة، وكذلك النظر في إمكانية إنشاء شركة أمنية مختصة لتتولى مكافحة التسول بأسلوب حديث ومتطور، إضافة لضرورة تطبيق نظام البصمة على الأجانب المرحلين بسبب التسول، وعدم السماح لهم بالدخول إلى المملكة لمدة لا تقل عن خمس سنوات، والعمل على تشكيل لجنة مختصة لدراسة التوصيات والمقترحات التي أخرجها البحث، والعمل على تفعيلها وتنفيذها للحد من هذه الظاهرة.

ودعت الدراسة إلى عقد ملتقى علمي يشارك فيه عدد من المسؤولين وذوي العلاقة بظاهرة التسول، والقائمين على مكافحته مع الفريق البحثي لعرض نتائج البحث وتوصياته ومناقشته معهم، حتى يتسنى للجميع إثراء هذه النتائج والتوصيات وتفعيلها وإنزالها إلى أرض الواقع، إرسال نسخ من الدراسة ومختصرات نتائجها وتوصياتها إلى الجهات الآتية: (وزارة الداخلية، وزارة الشؤون الاجتماعية، ووزارة الثقافة والإعلام، ووزارة العدل، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والمديرية العامة للأمن العام، والمديرية العامة للجوازات)؛ لتتخذ كل جهة من تلك الجهات الإجراءات التي تختص بها لمكافحة هذه الظاهرة والقضاء عليها وعلى آثارها الاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية.

وأوصت الدراسة كذلك بعقد ندوات وحوارات علمية في وسائل الإعلام المختلفة مثل: (القناة الأولى في التلفاز السعودي، قناة الإخبارية، قناة المجد)، وغيرها من القنوات ذات العلاقة على أن يشارك فيها أعضاء الفريق البحثي والمهتمون بهذه الظاهرة لعرض نتائج وتوصيات البحث والعمل على تفعيلها وإنزالها إلى أرض الواقع، وعقد لقاءات وحوارات وندوات علمية عبر الإذاعات السعودية في برامجها المختلفة، على أن يشارك فيها الفريق البحثي والمهتمون بهذه الظاهرة لعرض نتائج البحث وتوصياته، ونشر نتائج البحث وتوصياته عبر الصحف والمجلات السعودية.

وأكّدت في هذا الصدد على ضرورة عقد ندوات ومحاضرات في الجامعات والمدارس للتعريف بنتائج البحث وتوصياته.

وتلخيص نتائج البحث وتوصياته وتوزيعها على أئمة المساجد حتى يقفوا على حجم المشكلة؛ ليتم تعاونهم في عملية الحد من ظاهرة التسول.

الجدير بالذكر أن تنفيذ الدراسة استغرق عامين، وتم تمويلها من قبل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشارك فيها نخبة من أعضاء هيئة التدريس المتخصصين في الجامعات السعودية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد