قلة من المهنيين في بلاطة صاحبة الجلالة ممن اتجهوا بعد تجربة وممارسة صحفية عميقة وثرية ومثمرة.. إلى مضمار التأليف والتوثيق وتدوين المعلومة في أوعية وبطون التاريخ.. فتجلت قيمهم الفكرية والثقافية والأدبية في خارطة الإبداع والإمتاع.. متفوقين بكل همة وإرادة وريادة. وهؤلاء تركوا في كتابتهم ورصدهم وتوثيقهم في بطون التاريخ الرياضي.. بصمات واضحة وإسهامات كبيرة أبقت أسماءهم راسخة في الأذهان والوجدان ومحفورة في أخاديد الإعجاب والإجلال.. لأن مثل هذه النماذج الوطنية المتميزة -علماً وفكراً وتخصصاً - تكرس حقيقة العمل التوثيقي بمفهومه العلمي الذي ينهض أو يقوم على مجموعة من الأسس والخصائص.. مثل الأمانة العلمية والموضوعية والضبط والتحليل والفحص التاريخي والاعتماد على الدليل والأصالة والتثبت من صحة المعلومات والنزهة والتجرد.

* المؤرخ الرياضي الزميل (محمد القدادي) يمثل أحد النماذج المهنية الوطنية المتخصصة التي تشّربت فنون العمل التوثيقي -ما شاء الله- بأسلوبه الحضاري ومنهجه العلمي وطرقه العصرية التي تعتمد على كثير من المقومات المطلوبة للإسهام في صنع عمل مهني خلاب يرتكز ويتكئ على مصادر المعلومات التاريخية الأولية أو الثانوية إضافة إلى القدرات الشخصية والمهارات العلمية والخصائص الفكرية والرصانة الثقافية وغزارة الاطلاع والرؤى الفاحصة.. التي تعزز من القيمة التوثيقية والأهمية المعيارية عند إجازة الإنتاج العلمي وولادته من رحم المهنية الرصينة.. حيث قدم للوطن العديد من الإصدارات التاريخية المتميزة.. ولعل أبرزها كتاب تاريخ الحركة الرياضية في عهد الملك عبد العزيز المدّعم بالوثائق النادرة والصور التاريخية القديمة جداً إضافة إلى كتاب قصيدة خالد الفيصل الأولى.. وهذا الإنتاج التاريخي الأول من نوعه يحكي سيرة ومسيرة سمو الأمير خالد الفيصل الرياضية والاجتماعية والثقافية والسياسية ويقع هذا الإصدار في 678 صفحة مدّعم بلغة الوثائق والحقائق الدامغة والخطابات التاريخية والصور النادرة التي تترجم أهم مرحلة بنائية تاريخية في مسيرة قطاع الرياضة والشباب باعتبار أن الأمير الرياضي وبعد توليه (إدارة رعاية الشباب) في النصف الثاني من عقد الثمانينيات الهجرية من القرن الفائت نجح في إعادة صياغة وصيانة وتنظيم وهيكلة الأجهزة الإدارية والمالية والفنية ووضع أسس ومعايير التطور الرياضي.. قبل تولي رائد النهضة الرياضية الحديثة الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- دفة هذا القطاع الحيوي ونقله إلى عالم الريادة بفكر استراتيجي وخطط مدروسة ومنهجية علمية.. ليصافح الأمير سلطان بن فهد من بعده أيادي الإنجازات الوطنية المختلفة للرياضة السعودية خلفاً للأمير الراحل.

* ما دفعني في تناول هذه الاستهلالية.. الأزمة الصحية التي يمر بها المؤرخ الرياضي الكبير.. (محمد القدادي) صاحب الابتسامة الجميلة والخلق الرفيع والتواضع والأدب الجم التي أكسبته خصال حميدة ورصيد كبير في بنك العلاقات الاجتماعية حيث أصيب -شفاه الله- بمرض قبل عدة أشهر وما زال يعاني من أوضاعه الصحية فحالته المرضية تحتاج منّا الدعاء والابتهال إلى المولى عز وجل أن يشفيه من سقمه ومعاناته ويكسوه ثوب الصحة والعافية ويجعل ما أصابه من ألم وأسى تكفيراً وتمحيصاً للذنوب والخطايا.. فما أحوج المريض الصابر على البلاء والرضا بمّر القضاء.. إلى دعاء أخيه المسلم وهو في أحلك ظروفه الصحية وعلى سرير المرض وبين قفص الآهات والمعاناة.. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).. دعواتنا وتمنياتنا القلبية الخالصة للمؤرخ الرياضي الزميل (محمد القدادي).. الشفاء العاجل وتجاوز عارضه المرضي وأزمته الصحية.. سالماً غانماً يرفل بثوب الصحة والعافية بإذن الله.