Al Jazirah NewsPaper Thursday  04/03/2010 G Issue 13671
الخميس 18 ربيع الأول 1431   العدد  13671
 
نوافذ
الجوف
أميمة الخميس

 

هل قضية إحراق نادي الجوف الأدبي قضية مناطقية صرفة، أم أنها تتسع لتتصل ببعض جوانبها بالأمن القومي للمملكة؟ هل هي قضية مدينة نائية تنحر الشمال، أم أنه هم عام ينحر الجوف؟

كتبت في زاويتي هذه العام الماضي عن تلك المدينة بعد إحراق خيمة النادي الأدبي، واليوم يبدو أن فعل التصفية والإزالة ما برح يملك معاوله ونيرانه.

هناك جدار ينهض عاليا في وجه برامج التنمية، وريح جافة ممحلة تمنع استزراع بذور التطوير.

أذكر أنني شاركت في مؤتمر الحوار الوطني الذي أُقيم في الجوف قبل ثلاث سنوات، وكان للمفارقة موضوعه عن التعليم، حيث تصعدت النقاشات وجرى تحريك الكثير من الملفات المقصاة، وتبادل المتحاورون قوائم من المواضيع الوطنية الحساسة التي كانت تتصعد بحرية في مناخ المدينة الشمالية النائية، وقتها التقيت ببعض من سيدات الجوف اللواتي كن يحملن الكثير من الوعي والبشاشة والحس الوطني العميق.

واليوم بعد حادثتي حريق ضد نفس المؤسسة الثقافية نجد هناك رأي عام يميل إلى توجيه أصابع الاتهام إلى التيارات الدينية المتطرفة، وإن كان الاتهام قابلاً للمراجعة طالما أن الموضوع تحت التحقيق والتقصي وخاضعاً لاحتمالات كبيرة.

فلا نود أيضاً كرد فعل سريع أن نقع أسرى تنميط قضايا العنف المحلية بحيث تتحول تلقائياً إلى الحركات الدينية المتشددة، فتصبح هي العدو الخفي الذي نستجلبه كمتهم رئيس عند الحوادث، كما نجده لدى (نيك جريفن) الذي يتزعم الحزب القومي البريطاني ويستثمر حالة الركود الاقتصادي ليوجه أصابع الاتهام تجاه الأجانب والملوّنين والأقليات الأثنية، أو في حزب (لوبان) في فرنسا أو (جماعة المحافظين الجدد) التي لديها دوماً قائمة جاهزة من المتهمين توجه لهم التهم أثناء الأزمات الكبرى والتهديدات في الولايات المتحدة.

فعملية القولبة والتنميط هي عملية خطرة وتشير إلى فكر دوغمائي مغلق عاجز عن استجلاب جميع المسببات المتعلقة بالموضوع، فمن السهل أن نتهم الحركات المتطرفة ونغلق الملف وتنتهي القضية، أو نظن أنها انتهت على حين أننا لم نقارب الكثير من العوامل الأخرى التي صنعت هذه الظاهرة المزمنة هناك؟

الاقتصاد كان دوماً هو المحرك الأول للتاريخ ومن بوابته تدخل الكوارث الكبرى، وأيضاً تؤسس أعظم الحضارات وأكثرها ازدهاراً، وبيئة اقتصادية نشطة ومليئة بالفرص الاستثمارية حتماً ستغيِّر المشهد، مؤسسات تعليم وتدريب خلاَّقة ستؤسس لبذرة فرد متحضّر، مؤسسات تنمية اجتماعية يرصد لها ميزانيات ضخمة قادرة على زلزلة قلاع الجهل والتقوقع، المجالس البلدية وحيز من القرار من شأنه أن يجذّر الانتماء ويغرس جذوره عميقاً ويلغي مشاعر التصفية والإزالة ويحل بدلاً منها فطرة البشر الساعية لإعمار الكون، مراكز ثقافية كبرى ذات بعد حضاري وجمالي، قادرة على طرح برامج تستقطب الشباب وتستثمر المواهب.

جميع ما سبق... سيحدث فرقاً.

لست خبيرة بالتخطيط الإستراتيجي لأتتبع المزيد من احتياجات المنطقة، فهي أمور من (ألفبائيات) التنمية.

لكن حرقة مشهد نادي الجوف الأدبي المحترق للعام الثاني تستوقفنا أمام كم وافر من الأسئلة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد