تصوير - التهامي عبدالرحيم
برعاية معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل، أقامت الجمعية العلمية السعودية للغة العربية ندوة علمية بعنوان: (حاجة التخصصات الأخرى للغة العربية)، ضمن فعاليات اليوم العالمي للغة الأم مساء يوم الأحد الماضي في مبنى المؤتمرات بالجامعة ؛ في القاعتين المساندتين (أ) للرجال و (ب) للنساء.
وقد افتتحت الندوة بتلاوة آيات من القرآن الكريم تلاها كلمة ضافية لرئيس الجمعية، رحب فيها بمعالي مدير الجامعة والضيوف الكرام؛ وأكد خلالها أنّ هذه الندوة تأتي في سياق المحاولات الجادة لإحياء الاهتمام باللغة العربية في نفوس المتكلمين بها، إعادة لهويتنا المسلوبة بفعل اللهجات العامية وسيطرة الأجنبيات على الاستعمالات اللغوية في مجتمعاتنا العربية.
ودعا رئيس الجمعية الحضور إلى الإفادة من فعاليات الندوة وتطبيقها واقعاً وعملاً.
بعد ذلك عقدت الجلسة العلمية بعنوان: (حاجة التخصصات الأخرى للغة العربية) والتي أدارها المستشار والمشرف على إدارة العلاقات العامة والإعلام في وزارة التعليم العالي الأستاذ الدكتور محمد بن عبد العزيز الحيزان؛ بمشاركة كلٌ من: عضو مجلس الشورى الأستاذ الدكتور إبراهيم بن مبارك الجوير، وعضو هيئة التدريس بقسم الإعلام في الجامعة الدكتور أحمد سيف الدين تركستاني, و عضو هيئة التدريس في قسم النحو والصرف وفقه اللغة في الجامعة الدكتور عبد العزيز بن حميد الحميد.
وقدم المشاركون الثلاثة أوراق عمل ركز فيها الأستاذ الدكتور إبراهيم الجوير على طبيعة اللغة وأنها مكنون حضاري واجتماعي؛ وأشار فيها إلى الطرق الصحيحة لتعليم اللغة العربية؛ وبيّن العلاقة بين اللغة العربية وعلوم الاجتماع بشكل صريح؛ وأنّ اللغة مظهر من مظاهر التعبير الاجتماعي والسلوكي.
كما ركّز الدكتور أحمد سيف الدين تركستاني على حاجة الإعلام وتطبيقاته للغة العربية؛ وبيّن أهم العوامل التي تجعل من وضع العربية مزرياً في الاستخدامات الإعلامية؛ وشدّد على جملة من الحلول تجاه تطوير الوسائل الإعلامية في سبيل استخدام أمثل للغة العربية.
وفي ورقته العلمية أبان الدكتور الحميد حاجة كثير من العلوم للغة العربية بداية من علوم الشريعة؛ والنفس، والسياسة، والاجتماع؛ والجغرافيا؛ والطب؛ والهندسة؛ وعلوم الحاسوب؛ وخلال ذلك عضد نظريته بجملة من الأدلة والشواهد من منقولات الأقدمين والمحدثين.
وأثناء اللقاء وزعت بعض مطبوعات الجمعية: كالمجلة العلمية المحكمة (العدد الثاني)؛ ورسالة عن أهمية الحفاظ على اللغة العربية لمعالي الشيخ صالح بن حميد رئيس المجلس الأعلى؛ ووثيقة الجمعية الخاصة باليوم العالمي للغة الأم ؛ وكان نصها الذي كتبه سعادة رئيس الجمعية متضمناً دعوة الحضور للتكاتف للاحتفاء بلغتنا العربية دوماً؛ وجاءت الوثيقة فيما يلي:
يصادف اليوم الحادي والعشرون من شهر فبراير من كل عام الذكرى العالمية للاهتمام باللغة الأم لكل أمة؛ ومنها اللغة العربية التي تأتي - بحسب الإحصاءات الدولية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) - لغة سادسة بعد الصينية والإنجليزية والهندية والإسبانية والروسية وقبل الفرنسية.والدوائر الثقافية والعلمية والتربوية في العالم، حين تخصص هذا اليوم لإعلان اهتمامها باللغة العربية بوصفها لغة عالمية تعد لساناً ثقافياً لجزء كبير من العالم؛ وتعكس ثقافة أصيلة لما يقرب من ربع العالم الذي يدين بدين الإسلام، فإنها تقدم جهدها المحدود في الاهتمام باللغة العربية؛ وتدقُّ ناقوس الحرص على واحدة من أهم اللغات العالمية قديماً وحديثاً؛ وإنما يقع الجهد الأكبر؛ وينحصر الدور المؤكد على أبناء هذه اللغة؛ ممن ينطق بلغة الضاد؛ ويتنفس حرف العربية المشرق أبد الدهر وعداً من الله تعالى الذي تكفل بحفظِ الذِّكر وهو القرآن بلسانه العربيِّ المبين؛ إذ يقول في كتابه الكريم: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
إنني أنتهزُ هذه الذكرى السنوية لأذكِّر إخواني وأخواتي بواجبنا جميعاً نحو ديننا أولاً؛ ولغتنا ثانياً؛ ونحو هويتنا الثقافية؛ وتراثنا الحضاري؛ كل ذلك يستدعي منا نهوضاً سريعاً للاهتمام باللغة العربية أمام سيل التهديد من شتى المقوِّضات كالعجمة والعامية؛ وتفشي الانصراف عن تعلم العربية واتخاذها دستوراً كتابياً وشفاهياً في التخاطب والمعاملات واللغة الثقافية الفكرية؛ إننا في ظل إعلان المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة عن خريطة اللغات المندثرة والتي قاربت من مئتي لغة، نستشعر عظم الخطر الذي يحدق بلغتنا الأم؛ ونكاد نتحسّر على وضع لغة تستحق أن تكون الأولى في كل مجال؛ في الاستعمال اليومي؛ وفي الخطاب الثقافي؛ وفي نطاق الاستعمالات الشبكية والحاسوبية.
وتأتي الجمعية العلمية السعودية للغة العربية، واحدة من أهم المحاضن العلمية الثقافية التي تقوم بدورها في حماية اللغة العربية؛ وتدعيم الدور الذي يهدف إلى تنمية الاهتمام بها في نفوس المتعلمين وغيرهم من سائر طبقات المجتمع؛ إنَّ الجمعية في هذا اليوم تستذكر أهم نشاطاتها في هذا السياق والتي تتركّز في الآتي:
تنمية الفكر العلمي في مجال التخصص، والعمل على تطويره.
وتحقيق التواصل العلمي لأعضاء الجمعية.
وتقديم المشورة العلمية النظرية والتطبيقية في مجال التخصص.
وتطوير الأداء العلمي والمهني لأعضاء الجمعية.
وتيسير تبادل الإنتاج العلمي والأفكار العلمية في مجال اهتمامات الجمعية بين الهيئات والمؤسسات المعنية داخل المملكة وخارجها.
والعناية بالتراث اللغوي والقضايا العربية المعاصرة.
والعناية بقضايا تعليم اللغة.
والاهتمام بالترجمة والتعريب.
ومواجهة مظاهر العجمة العامة.
والإفادة من وسائل التقنية الحديثة في إعداد البحوث اللغوية ونشرها.
وإنَّ الجمعية التي تسعد برعاية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لها؛ تستفيد من دعم الجهات الرسمية فيها؛ وتستفيد - أيضاً - من جهود الأعضاء المنتمين لها؛ لهي محضن أصيل للعناية باللغة يستحق منا أن نلتفت إليه؛ وأن ندعمه بكل ما أوتينا من قوة مادياً ومعنوياً وعلمياً. إنني أطلب من الجميع ممن يؤلمه ترتيب اللغة العربية في مسارات الحياة الدولية أن يسهم معنا بجهده؛ وأن يجعل هذا اليوم انطلاقة جادة للتعبير عن حبه للغته العربية؛ وعن انتمائه لهويته العربية الإسلامية؛ وأن يتضافر مع سياسة الوطن في اعتبار اللغة العربية لغتنا الأساس؛ وواجهتنا المشرقة؛ وهويتنا الأصيلة.
هذا وإنّ من أهم من يدعم هذه اللغة في بلادنا الغالية والعالم - بمختلف منظماته - راعي نهضتنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهما الله ذخراً للغة القرآن أشرف لغات الأرض.
وفي ختام الجلسة كانت هنالك مداخلات متعددة ركّزت على وجوب الاهتمام باللغة العربية ؛ وتطوير وسائل الإعلام في باب التعاطي مع اللغة العربية؛ وحث الجهات التعليمية على تطوير أساليب تعليم اللغة العربية؛ ووجّه بعض المداخلين نقداً شديداً لبعض أقسام العربية التي ما زالت تعلم العربية بأساليب قديمة وتركز على حفظ المتون لا على تعايش المتعلم مع واقعه اللغوي والاجتماعي. بعد ذلك أقيم حفل الشاي المعد لهذه المناسبة.
موقع الجمعية على الشبكة العالمية للإنترنت: www.sa-arabic.com