Al Jazirah NewsPaper Thursday  04/03/2010 G Issue 13671
الخميس 18 ربيع الأول 1431   العدد  13671
 
الانتخابات العراقية أسعدت وكالات الإعلان فقط!
عبدالإله بن سعود المنصور السعدون (*)

 

تحولت كافة ساحات وشوارع المدن العراقية حالياً إلى ألبومات جدارية من الصور والملصقات للناخبين المشتركين في المنافسة الانتخابية التي يعيشها المجتمع العراقي وأشغلت مرافق حياته اليومية. معظم المواطنين موظفين كانوا أم أصحاب حرف مهنية يعرضون استياءهم من هذا التغيير المفاجئ وغير المستعد له مما أثر بصورة مباشرة على حركة السير وكثافة الازدحام في كل المرافق العامة. وبرزت ظاهرة تكليف وكالات خاصة لإدارة الحملة الانتخابية للائتلافات والكتل الرئيسية في هذه المنافسة الانتخابية بهدف حصد أصوات أكثر لها تؤهلها لنيل الأكثرية في البرلمان القادم!

ويتساءل المواطن العراقي الذي عاش ظروفاً صعبة من نقص الخدمات وضيق المعيشة اليومية عن مصادر هذه الملايين الكثيرة المهدورة وبسخاء كبير على الحملات الانتخابية من صور ولوحات دعائية وهدايا عينية بدأت من البطانية والمدفأة حتى الساعات والمشالح النجفية الغالية لرؤساء العشائر!

ودخلت مؤسسات عالمية مختصة بتنظيم الحملات الانتخابية ورسم برامجها وخطط تنفيذها فقد أعلنت كتلة أحرار التي يتزعمها السيد أياد جمال الدين تكليفها لشركتين عالميتين في الدعاية لحملتهم الانتخابية إحداها أشرفت على حملة الحزب الحاكم في تركيا (حزب العدالة والتنمية) ووصلت مبالغ هذه العقود إلى أكثر من اثني عشر مليون دولار ويؤكد السيد جمال الدين بأن مصدر تمويل حملته ذاتياً ومن تبرع الأصدقاء!

وتميزت كتلة سياسية بعرض مجموعة من البالونات الكبيرة تحمل صور رموز هذه الكتلة المشتركين في الانتخابات وقد كانت الأنواء الجوية السيئة التي سادت أجواء مدينة بغداد في الأسبوع الماضي أدت إلى ضياع هذه البالونات الغالية في سماء العراق كله وقد استبشر الخطاطون وأصحاب المطابع الصغيرة بإعادة كتابة اللوحات الدعائية ولصق صور جديدة بدل الملصقات والنشرات الملونة التي أزاحتها الرياح والأمطار الرعدية التي شملت وسط العراق!

وتحملت الفضائيات الإقليمية والمحلية بدورها الدعائي حيث أعدت برنامجاً خاصاً في الحوار الانتخابي وإبراز أفضلية الكتل والائتلافات التي تمولها وبلغت عقود الإعلانات الانتخابية التي تبثها الفضائيات التجارية أكثر من مائة مليون دولار للحملة الواحدة. ومن الطرائف التي رافقت هذه الحملات الدعائية وزحام الصور على جدران المباني في المدن العراقية أن أحد الناخبين دخل مسكنه ومعه صورة إعلانية كبيرة لإحدى السيدات المرشحات وكانت على مستوى عال من الجمال مما أثارت هذه الصورة غيرة زوجة الناخب فمزقت الصورة بعد عراك شديد مع زوجها انتهى بها الأمر لحجزها في مخفر الشرطة لتعرض زوجها المسكين للكمات وجروح ظاهرة في وجهه إلا أن المرشحة الجميلة دفعت الكفالة وأخرجتها من الحجز الاحتياطي وبهذه المشكلة العائلية حققت المرشحة دعاية واسعة لانتشار قصتها في مجتمع مدينتها الصغيرة!

كل الناخبين العراقيين تمنوا لو أن هذه الملايين الكثيرة والقادمة من مصادر مشبوهة لو وزعت بينهم لتسد لهفة جائع لرغيف خبز أو توضع في مشروع كهربائي ينير ظلمة شوارعهم!

دعاء صادق أن تعود الابتسامة لأطفال العراق وقد تحقق لهم الأمن والاستقرار والرخاء بحكمة أبنائه من الوطنيين المخلصين لوحدته وإضاءة وجهه العربي.

(*) محلل إعلامي
عضو جمعية الاقتصاد السعودية هيئة الصحفيين السعوديين



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد