لايجد الرجل غضاضة بإلقاء الأوامر على زوجته بترتيب ملابسه وكيها وتنسيقها ووضعها في حقيبة السفر وتنظيم أوراقه الخاصة بعمله واجتماعاته وطباعة أبحاثه. وتقوم الزوجة بهذه الأعمال إما راضية بدعوى أنه زوجها، أو تنهض بها ممتعضة راضخة له بحجة أنها حقوقه وواجباته عليها. وفي المقابل يتغافل الزوج عن تلبية احتياجات زوجته دون اعتبار أنها شريكة له في الحياة، ويكتفي بالإنفاق عليها مادياً فقط! وحتى حين تطلب منه إصلاح وصيانة بعض الأمور البسيطة في البيت يرفض مطالباً إياها بإحضار سباك لإصلاح الغسالة أو كهربائي لتغيير المصباح، أو نجار لتصليح الأثاث الخشبي. وإن كان شهماً فقد يحضرهم بنفسه ويستعجلهم في الانصراف قبل إتمام عملهم، ناهيك عن جودته!
والواقع أن العمال المهنيين قد يقومون بتلك الأعمال البسيطة خير قيام وسيعطيهم الزوج أجرتهم، إلا أن قيامه بها له مدلول عاطفي في الدرجة الأولى، حيث يعني أحد الحاجات العاطفية التي تحتاجها الزوجة، فهي تخلق شعور السلام في البيت وتضفي عليه السعادة. ويسري ذلك على المساعدة بالأعمال الأخرى كطهي الطعام أو الانفراد بالقيام ولو يوما في الأسبوع وكذلك غسل الأطباق والملابس وكيها، وتنظيف البيت ورعاية الأطفال، بلا تبرم ولا كلل!
والمؤلم في الأمر أن معظم الأزواج لا يقومون بالأعمال المنزلية إطلاقاً سواء كانت زوجاتهم موظفات أو ربات بيوت. برغم أن الزوجة العاملة تعود لمنزلها مرهقة لا تستطيع القيام بأعماله بصورة كاملة، لذا تحتاج تدخل الزوج بصورة لطيفة تشعرها بتقدير زوجها والامتنان لها والإكرام والعرفان لعظيم خدمتها له. والتعاون يكون سببًا للملاطفة، وطريقًا إلى بناء المودة وليبقى نهر الحب جاريًا إذا سلمنا أنها مطلب عاطفي هام يتم بحب وذكاء وزيادة في رصيد المشاعر بينهما باعتبار أن المنزل شركة مصغرة تحتاج لإدارة ناجحة، والمشاركة تتطلب التضحية التي تمهد لزيادة الرصيد في بنك الحب الذي يمتلكه الزوجان. تحكي السيدة عائشة رضي الله عنها عن سلوك زوجها أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم، في بيته حيث تقول: (كان في مهنة أهله، وكان يخيط ثوبه ويخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم).
ووقوف الرجل مساندا زوجته في أعمال المنزل يزيد من الاعتزاز به والثقة فيه والاطمئنان لوفائه في حالة حصول مرض لها أو موقف طارئ للأسرة وهو ما ينعكس على علاقتهما بحيث تستغني به عن الناس. فالحياة الناجحة تقوم على الأخذ والعطاء، وعلى الحب والاطمئنان بأن هناك من يساند الإنسان، ولا يتخلى عنه مهما كانت الظروف. بل إنه ومن خلال مساعدته لها سيخفف من الطلبات، ويتوقف عن اللوم على التقصير ولا يحاسبها الحساب العسير إذا قصرت في عمل ما.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يراعي هذا، فكان لا يكلف زوجاته المؤونة، لأنه كان يخدم نفسه، ويسارع في مساعدة أهله، ولربما وضع رجله لإحدى زوجاته لتصعد إلى البعير.
إن وعي الرجل بذلك وملاطفة زوجته بل وخدمتها له أثر بالغ في سكون نفسها واستقرار عاطفتها فتجدها تُقبل عليه برضا وسعادة، حتى وإن كانت في شدة من ضيق العيش وقلة ذات اليد.
ويجدر بالآباء والأمهات تربية الأبناء الذكور على ذلك منذ الصغر، فلا يأنف الفتى من مساعدة أخته بل والعمل مثلها في المنزل بحيث تقسم الأعمال بالتساوي، حيث تبدو حاليا مساعدة الرجل أو الأولاد الذكور في أعمال البيت غريبة على غالب الناس، وهي موروثات غارقة في الجهل حين ينظر لإشراك الذكور في أعمال البيت باستهجان، وأنه عار ينتقص من قدر الرجال! برغم أنه مفخرة للرجل السليم الفكر ممن قدوته رسول الله عليه السلام الذي كان في حاجة أهله.
فمن منكم أيها الرجال في خدمة أهله؟
أقصد الرجال، ويمتنع الذكور عن التصويت!
www.rogaia.net
rogaia143@hotmail.com