كلما قرأت خبراً يبشر بالقبض على أحد المزورين في المستندات الرسمية أو الأختام وغيرها ينتابني شعور بالارتياح ممزوج بالفخر بقدرات رجال الأمن وعناصر التحري المهتمة بهذا الجانب المقلق على كل المستويات، غير أن الفرحة بهذا الإنجاز لا تلبث أن تخمد حين يتوالى النشر عبر الصحف عن تزايد القبض على أعداد من المزورين في شتى المجالات، والذي يجلب الشعور بالاكتئاب أن عنواناً بعد الآخر يقول: (القبض على أخطر مزور)، والأخطر هذه ما زالت تزين عناوين أخبار الصفحات المحلية، وقد يعود الأمر لعوامل عدة منها: أن بعض المحررين يبالغون بوصف الحالة رفعاً لدرجة حرارة أخبارهم، أوأنهم يستقون هذا الوصف بالخطورة من عناصر أمنية ترى أن هؤلاء المزورين خطرين فعلاً أوأنهم أخطر من قبض عليه حتى تاريخ النشر، أوأن مسألة تقدير الخطورة تتباين قياساتها ومعاييرها بين رجل أمن وآخر والصحافة تنشر ما يردها من معلومات معتمدة على تلك المعايير، غير أن تكرار وصف من يقبض عليهم بالأخطر يشغل الهاجس الأمني للمواطن العادي ويجعله في حيرة وعدم توازن قياساً على ما ينشر من أخبار متتابعة تبرز كلمة الخطورة في عناوينها، ويزداد القلق والتوتر إذا ما قرأ الأخبار المحيطة بخبر (الأخطر) ففي الصفحة ذاتها أحياناً نقرأ جملة من الأخبار لجرائم متنوعة من سرقات وسطوبسلاح ابيض ونحوها، والصحافة لها رسالتها ولها معاييرها في نقل الحدث والاستناد إلى المصادر ولها ضوابطها في الدقة والمصداقية، وهي في غنى عن مثل هذه الإثارة المرعبة ولوأرادت إثارة القراء لوجدت ماهوأجدى لجذب الأنظار إليها والتطلع لها كل صباح، وأرى أن المهمة تقع على مصدر هذه الأخبار فالواضح أن المتحدث الأمني في كل منطقة لا يمكن أن يتحدث عن كل حدث على مدار الساعة، لذلك فإن الأحداث الصغيرة أوالتي تقع مكررة خلال فترة زمنية يتحدث عنها للصحافة رجال أمن غير المتحدث الأمني المعتاد، وهذا أمر قد يكون مسموحاً به لدى بعض دوائر الأمن، لكن أجد أن من الأفضل أن يتم تحديد أسماء معينة للحديث مع مراسلي الصحف حول هذه الأحداث المتكررة التي لا تصل لدرجة حصرها على المتحدث الأمني، وأن يكون هؤلاء ممن لهم دراية ومعرفة بشكل عام بطرق النشر الصحفي ومعالجة الأخبار إعلاميا، والتعامل الواقعي مع وسائل الإعلام خدمة للأهداف العامة وتحقيقاً للغرض الذي من أجله تم الإدلاء بمعلومات الحدث الجنائي أوالأمني لنشره على صفحات الجرائد، وفي نظري أن الأمر سهل وممكن لا سيما إذا عُلم أن لدى أقسام الشرط ضباط وأفراد على مستوى جيد من الاطلاع وكثير منهم يحملون شهادات متقدمة في مجالات متعددة مما يسهل تلقيهم دورات مركزة في سلوكيات الإعلام والتعامل مع الأحداث عبر صيغ إعلامية صحفية مناسبة، وبالتالي يكون لدى كل دائرة أكثر من متحدث أمني يمكن ترشيحه ضمن مجموعة محددة قادرة على التعامل الأمثل مع وسائل الإعلام وتقديم معلومات واضحة للمتلقي.