تماماً كما تُصاب (بعض) القطاعات الاجتماعية المتخلفة ب(فوبيا النضل) فإن (بعض) القطاعات الفكرية المتعلمة للأسف تصاب ب(فوبيا النضال). ولكي لا نذهب بالقارئ بعيداً فإن (النضل) هو الخوف من العين والحسد حتى لو لم يكن لدى (المنضول) ما يحسد عليه على الإطلاق.
ومن هنا فإنه لو انقطع أحد (أزارير) ثوبه لعزى ذلك إلى النضل والعين (الحارة) لذلك يعتقد - جزافاً - أن العالم كله لا شغل له إلا نضله (تحديداً) وهذا المرض (الوسواسي) يتعاظم في ذات المريض شيئاً فشيئاً ليصعب الفكاك منه إلى أن يؤدي به إلى ما لا تُحمد عقباه.
أما (فوبيا النضال) فهي أن يعتقد المثقف (المناضل) أن كل العالم يتآمر على معتقده سواء أكان ذلك المعتقد دينياً أو قومياً أو فكرياً وهكذا يتعاظم الوسواس النضالي لديه إلى أن يأخذ أعراض المرض الذي لا فكاك منه أيضاً.
وقد تكرست وتعمقت هذه الفوبيا في ذات المثقف العربي إلى أن عم شرها جيلاً كاملاً لا يفكر إلا بأن العالم كله يسعى إلى تدمير هذه الأمة وإلى أن أفرزت هذه الفوبيا مرضاً أسماه العلماء (نظرية المؤامرة) لذلك يربط المريض كل شيء يحدث في هذا العالم الكبير بأن مؤامرة ضد ذلك المناضل بل وضد دينه وأمته وايديولوجيته فيتولد لديه وسواس ظني، لا يمكن الفكاك منه كما قلنا سابقاً.
صحيح أن لدينا عدواً (دينياً وقومياً وايديولوجياً) متمرساً بالمؤامرات منذ كنا وكان، وهو عدو واضح للعيان اسمه الصهيونية، ولدينا عدو (مستتر) اسمه الغرب، ولكننا مع طول الأمد وكثرة المؤامرات التي أصبحت تُبرم اليوم علناً وعلى الملأ أصبحنا نستحي من تأثير نظرية المؤامرة علينا بشكل دائم ومرضي، تماماً مثل ذلك المريض نفسياً الذي لا يعترف بمرضه، أقول إنه حينما كدنا أن نتناسى هذا الداء التآمري ها أن (الصهيونية والغرب) ينفذان علينا مؤامرة علنية في إحدى بلادننا العربية التي كانت تمثل حلماً نموذجياً لحضارة عربية قادمة، ونعني بذلك ما حدث في إمارة دبي تلك الإمارة العربية التي تعرضت لمؤامرة اقتصادية نالت بعض الشيء من سمعتها من قبل اللوبي - الصهيوني - العربي ل(تطفيش) التجارة الدولية منها ها أن ذات الحليفين (الصهيونية والغرب) أيضاً يتآمران على أمن تلك الإمارة التي تتمتع بسمعة أمنية عالية حققها لها أحد المثقفين الأمنيين العرب ونعني بذلك الفريق ضاحي خلفان الذي كان يضرب المثل الأروع والأسرع في كشف الجريمة والقبض على منفذيها في زمن قياسي، أي إن (الحليفين الشريرين) هنا قد تآمرا على ضرب السمعة الأمنية ل(دبي) والتي تضمن لرأس المال الاستقرار والطمأنينية، وإلا ما الداعي لأن يجيش الغرب وموساده الصهيوني كل هذا العدد من العملاء ل(خنق رجل واحد) جاء دون أن يعلم به رسمياً الأمن الإماراتي لحماية ظهره إذ حق معه قول الفريق خلفان: (إن من يجيء من خلف ظهرنا فعليه حماية ظهره) ولكن بالرغم من ذلك وبالرغم أن العملية كلها لا تكلف الموساد سوى رجل واحد لتنفيذها إلا أنها أرادت هذه المرة وبهذا العدد الكبير من (العملاء الغرب) أن تقول للعرب: إن ذراعنا طويل في بلادكم مهما بلغتم من القوة والتقدم بل وحتى محاولة النهوض (!!) ولكن بالرغم من ذلك استطاع الأمن الاماراتي كشف خيوط المؤامرة بسرعة قصوى ليكشف للعالم أن هذا الغرب الذي يضع قوائم للدول المشبوهة بتصدير الإرهاب ها هو يصدر الإرهاب بنفسه، وإلا من يقول لنا لماذا شجبت بعض دول الغرب استخدام جوازاتها بطريقة غير قانونية ولم تطالب بتسليم حامليها من الإرهابيين الغربيين لمحاكمتهم دولياً، ولماذا لم تضع ذات الدول إسرائيل ومن يحمل جوازها في قائمة الدول المصدرة للإرهاب؟! مثلما فعلت بالعديد من دولنا العربية بشكل ظالم؟! بالطبع للإجابة على هذا السؤال يتوجب علينا أولاً أن نتشبث من جديد بنظرية المؤامرة بل علينا أن نحمي ظهورنا أولاً من الأصدقاء (!!) أما الأعداء فنحن كفيلون بحماية ظهورنا منهم تماماً كما قال ذلك الفريق خلفان، إذ أكدت مجريات التحقيق ذلك وللأسف الشديد (!!).