Al Jazirah NewsPaper Monday  01/03/2010 G Issue 13668
الأثنين 15 ربيع الأول 1431   العدد  13668
 
عفواً أيها الشيخ
فهد الحوشاني

 

من يتابع الفتاوى التي يطلقها بين حين وآخر مشايخ من مختلف البلدان الإسلامية سيجد أن ساحة الفتوى اختلط حابلها بنابلها! هناك الكثير من الفتاوى الغريبة والصادمة، حيث ساعدت الفضائيات ومواقع الإنترنت على ظهور أشخاص ليسوا مؤهلين للفتوى أو أنهم لا يقدمون في فتاويهم المصالح على المفاسد! لكن كل الفتاوى قد تهون إلا من يفتي بقتل من لا يستحق القتل متشدداً في مواضيع اختلف عليها علماء ومشايخ المسلمين! قبل يومين خرج أحد مشايخنا الأفاضل وهو الشيخ عبد الرحمن البراك بفتوى أشغلت الرأي العام المحلي، حيث قال: إن من يجيز الاختلاط ويصر على ذلك يجوز قتله!

وأمام هذه الفتوى أصبحنا أمام مشكلة عويصة، والمجيزون في البلدان الإسلامية مئات الملايين، فلو (افترضنا) أن هذه الفتوى سيتم تطبيقها فكيف سيتم التعامل مع كل الذين يخالفون الشيخ في رأيه!! ثم إنه كان بإمكان الشيخ أن يتشدد كيفما يريد إلا أن يدرج موضوع القتل في فتواه.

وموضوع الاختلاط أثير بشكل موسع على صفحات الصحف قبل عدة أشهر وشارك في ذلك السجال عدد من العلماء الأفاضل الذين يرى بعضهم تحريمه ولكن كان أسلوبهم وحوارهم بعيداً عن العنف! قابلهم علماء أجازوا الاختلاط واستندوا إلى دلائل وبراهين شرعية يخالفون من يرون حرمة الاختلاط، لكن ما انتهى إليه الشيخ البراك لا أعتقد أن أكثر المتشددين في مسألة الاختلاط يؤيده!

لقد بذلنا الكثير من الجهد والمال لتحسين صورتنا وصورة الإسلام أمام العالم بعد أن أساء لها تلاميذ القاتل الأكبر للمسلمين أسامة بن لادن وشركاؤه الذين يأتون بحسب رأيي في المرتبة الثانية بعد الجيش الأمريكي في قتلهم للشعوب!

ختاماً أعتقد أنه جاء الوقت الذي يوجب على كل شخص يريد أن يفتي أن يعرض فتواه على هيئة كبار العلماء لكي تأخذ مصداقيتها ومشروعيتها لتعبر عن رأي جماعي لا فردي على أن تضمن هيئة كبار العلماء لصاحب الفتوى أن تحفظ له حقوقه (الفكرية) في فتواه وأن تخرج للناس (ممهورة) باسمه، فهذا أسلم من الفتاوى الفردية التي تطلقها المواقع الإلكترونية الخاصة وهي ليست قابلة للتطبيق لكنها فقط تشغل الرأي العام وتزيد من فرقة العلماء وتضعف من هيبتهم عندما يرد بعضهم على بعض في وسائل الإعلام وتصبح مادة يستخدمها أعداء الإسلام ضده!



alhoshanei@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد