ضمن النقلات النوعية ذات الصبغة التطويرية في مجال التربية والتعليم توجهت مؤسسات التعليم لاستحداث برامج تعليم رياض الأطفال، وأخذت منذ نشأتها في برامج التعليم الجامعي تواكب استحداثها في المدارس؛ إذ نشأت رياض الأطفال، وأخذ التعليم فيها يُبنى على أسس معرفية نامية متواكبة مع نظريات حديثة، وأساليب تعليمية مقننة، وآليات نافذة في التعامل مع خصائص الطفولة، بما يجعل الاطمئنان إلى إعداد الصغار لمقابلة متطلبات التعلم الذاتي في مرحلة ما بعد الطفولة مؤهلا لهم، وناقلا لهم بشكل تدريجي، يحقق الوعي التام باحتياجات الناشئة وفق مداركهم، وقدراتهم، وخصائص نموهم .. وهم قبل هذه المرحلة لا يحتاجون إلا إلى بيئة منزلية حاضنة، تتوافر فيها مقومات السلوك، وحسن التعامل، ووفرة الحنان، والاحتواء الواعي..
لكن الصغار قبل وفي مرحلة الدراسة الابتدائية يعيشون فترة نمو ذات جوانب تشمل كل ما يتعلق بأجسادهم، ومداركهم، ووجدانهم، وهم يمثلون طاقة حركية تحتاج إلى مَنْ يوجهها توجيها سليما، قد تعجز البيئة الأسرية وإمكاناتها وحدها عن مواجهتها، أو التعامل معها بإيجابية مطلقة؛ لذا فإن إنشاء نواد للياقة، والتدريب، واحتواء الأطفال في برامج رياضية وترفيهية، توجه طاقاتهم، وتفرغ نشاطهم، وتحتوي لحظاتهم، لهو أهم بكثير من هذه الاندفاعة التجارية التي أخذت الصبغة الربحية فيها، سبق النية لإفادة العناصر البشرية من الصغار وفائدتهم الأولى..
ولا أدل على ذلك من خلو المدن من نواد رياضية تربوية تحت إشراف مسؤول، يطمئن إليه الآباء وهم يودعون صغارهم من سن الخامسة فما فوق، لساعة أو أكثر، بعيدا عن أعينهم، في أوقات خارج أسيجة المدرسة، بينما تكثر مواقع الألعاب الربحية من غير غطاء إشرافي مسؤول.. ولا أدل على مبدأ الربحية من أولئك الذين يقيمون دورات مكثفة لإعداد الأطفال بما تعدهم به رياض الأطفال.. بينما لم يلتفت أحد إلى أهمية أنشطة القوى والطاقة لديهم.
ترى متى يلتفت المسؤولون لهذه الفئة من الصغار الذين يحتاجون إلى نواد توجه طاقاتهم وتفرغ شحناتهم ضمن أسيجة توجيه وحماية وإفادة..؟