بالتأكيد ما كشفته عملية اغتيال القائد الفلسطيني محمود المبحوح من دخول عملاء لمخابرات إسرائيل إلى أراضٍ عربية سواء دولة الإمارات العريبة أو غيرها شيء قليل جداً مقابل ما يتم من دخول واختراق جواسيس إسرائيل وغيرها من الدول التي لا يمكن أن تتخلى عن «سلاح جمع المعلومات»، لأنّ توفر المعلومات الصحيحة يضمن 50% من نجاح أي تخطيط استراتيجي أو لكسب معركة، سواء كانت عسكرية أو سياسية وحتى اقتصادية.
فعمل المخابرات، أو ما يسمّونه تلطيفاً جمع المعلومات، أصبح من أول مهام الدول، فهناك وزارات وأجهزة ودوائر تدير هذه العملية لأنها جزء من الأمن القومي للدولة.
بعض الدول والأنظمة أضافت مهاماً أخرى إلى مهمة جمع المعلومات، فأجهزة المخابرات تدبّر المؤامرات وتنفّذ عمليات الاغتيال وقتل الخصوم وزعماء المعارضة للنظام، وهذه الأنظمة رغم قلّتها إلاّ أنها موجودة، ومن أكثر الأنظمة تمرّساً واستعمالاً لهذا العمل غير الأخلاقي الكيان الإسرائيلي والنظام الإيراني، ولجأت إليه أمريكا وفرنسا وحتى بريطانيا في أوقات كثيرة، وطبعاً لا يمكن أن نفصل تجاوزات مخابرات الKGB في عهد الاتحاد السوفيتي وأجهزة المخابرات في الدول الشرقية الحليفة لذلك الكيان الذي تفكك.
إذن، فهو عمل معتاد تنفذه أجهزة المخابرات على أرض الواقع، وفي عمل المخابرات لا مجال للأخلاق والاهتمام بالقوانين والأنظمة، فكل عمل يساعد العميل أو الجاسوس على تنفيذ المهمة التي أرسل من أجلها يستعمله تاركاً الالتزام بالأخلاق والقانون لأهل الضحية..!!
ومثل هؤلاء العملاء يدخلون الأراضي العربية يومياً ليس بالعشرات، بل المئات ويعملون في كافة المجالات، بعضهم تحت غطاء نظامي كدبلوماسيين ورجال أعمال وحتى أطباء ومهندسين، منهم من يكلف بجمع المعلومات ومنهم من يزرع ليبقى وفق أسلوب «العميل النائم» الذي قد يظل ساكناً سنوات طوال، ثم يكلف بعملية واحدة تكفي للصرف عليه كل تلك السنوات.
والدول العربية غير محصّنة من تسلّل هؤلاء الجواسيس والعملاء، فبالنسبة للإسرائيليين كثير منهم مزدوجو الجنسية من أوروبيين وأمريكيين، يدخلون بلداننا مرحّباً بهم أكثر من أشقائنا العرب والمسلمين، لأنهم يحملون جوازات سفر أوروبية وأمريكية وحتى أسترالية كما حصل في عملية اغتيال المبحوح، أما حامل الجواز العربي والجواز المسلم فأمامه عقبات وعقبات حتى يدخل أرضه العربية والإسلامية.
jaser@al-jazirah.com.sa