محاولات الحل السلمي مع الكيان الصهيوني الغاصب فشلت على مدى ثمانية عشر عاماً ويزيد منذ أن بدأت مع مؤتمر مدريد للسلام إلى اليوم مروراً بمحاولات الرئيس جورج بوش الأب، والرئيس كلينتون واتفاق أوسلو بين السلطة الفلسطينية وما يسمى بدولة إسرائيل، ومحاولات جورج بوش الابن المتوجة بمؤتمر أنابولس للسلام في الشرق الأوسط، وخارطة الطريق وتشكيل اللجنة الرباعية، وجهود الرئيس أوباما من خلال الرحلات المكوكية للسيد جورج ميتشل مبعوث الرئيس الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط.
والمحصلة النهائية، هي أن جهود التسوية السلمية لم تفلح حتى الآن في تحرير فلسطين ولا في ترويض الكيان الصهيوني أو ترويض مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال ولو بشكل جزئي، ولا يبدو في الأفق أي فلاح لها، ليس من باب التشاؤم، وإنما من باب القراءة الواقعية لما يجري، فالعدو الصهيوني تمكن خلال تلك المفاوضات والمؤتمرات والمواثيق والاتفاقات من أن يحكم سيطرته على الجغرافيا الفلسطينية بما في ذلك أولى القبلتين القدس الشريف، بل وإعادة احتلال الضفة الغربية من فلسطين المحررة بتلك الاتفاقيات عندما ضاق الشعب الفلسطيني ذرعاً بالحواجز التي قطعت أوصالها فقام بانتفاضته الأولى والثانية.
حربنا مع الكيان الصهيوني بدأت ولن تنتهي طالما استمر محتلاً لأرض عربية، والمقاومة الفلسطينية التي انحصرت في غزة لا يجب التخلي عنها وإن بدت في نظر البعض (إمارة ظلامية)، إن لم يكن لأنها تمارس حقاً شرعياً كفلته كل المواثيق الدولية، وإن لم يكن لأنها تؤدي الركن السادس من أركان الإسلام المتمثل في جهاد الدفع، فعلى الأقل لأنها الورقة الوحيدة الباقية في يد العرب والمسلمين للضغط على الكيان الصهيوني لقبول السلام.
لم يسبق في التاريخ أن أنهت الجهود السلمية ودبلوماسية المؤتمرات وحدها أي احتلال، وعليه فإنه ومهما كان رأينا في المقاومين وتوجهاتهم وانتماءاتهم وتحالفاتهم، فإن الحكمة والواجب الديني والدنيوي يقتضي دعم المقاومة لتوحد الهدف المتمثل في تحرير الأرض، ولنرجئ حل خلافاتنا البينية إلى ما بعد التحرير.
ولما كان يراع المرء لسانه، ولقد تذكرت قول أبي الدرداء: (أنصف أذنيك من فيك، فإنما جعل لك أذنان وفم واحد لتسمع أكثر مما تقول)، فكان لابد ليراعي أن يتوقف وإن لم يجف حبره في هذا الموضوع.