هناك فئة من أبنائنا هم أطفال التوحُّد وأطفال متلازمة داوت، أصبحوا عالقين ما بين ثلاث من الوزارات وهي: وزارة التربية والتعليم، وزارة الصحة، وزارة الشؤون الاجتماعية، بقوا حبيسي المنازل بلا اهتمام ولا رعاية، وكأنّ تلك الوزارات تقول نحن للأقوياء والعقلاء والأسوياء. أما من كان مصاباً في طفرة جينية أو اضطراب في السلوك فلا شأن لنا بهم.
وزارة التربية والتعليم تخلّت عنهم ولم تعترف بهم وتنشئ لهم مدارس خاصة تتناسب مع حالتهم الصحية والذهنية، وتركت أمرهم لأهاليهم ليقوموا بتعليمهم ورعايتهم، وقالت الوزارة إن هؤلاء ممن يعانون التوحد ومتلازمة داوت والتخلف الذهني ليسوا بحاجة إلى تعليم وإنما رعاية صحية ورعاية اجتماعية، فاستيعابهم متدنٍ وبرامج التعليم موجّهة لأقويا ذهنياً.
أما وزارة الصحة فتركت رعايتهم للمستشفيات العامة، رغم أن لهم مشاكل صحية في النطق والحركة وبحاجة إلى جهاز طبي متخصص بأمراض الإعاقات.. فيما وزارة الشؤون الاجتماعية اكتفت بصرف مكافآت شهرية متواضعة لا تغطي راتب عاملة منزلية لرعاية المعاق، إضافة إلى مصاريف المدارس المتخصصة التي تتجاوز أقساطها السنوية (20.000 ريال) في ظل عدم وجود مدارس حكومية للمعاقين في جميع مناطق المملكة، وهذه أعباء مالية ثقيلة على أسرة الطفل المعاق.
حكومتنا ودولتنا الكريمة وولاة الأمر تدفع بالميزانيات والمليارات السنوية إلى خزينة كل وزارة من أجل أن تصل تلك الخدمات لكل مواطن دون اشتراط أو تصنيف، وفق خطط ومنهجية عمل لتشمل الأصحاء والأقوياء وكذلك المعاقين والضعفاء، بل إنّ الملك عبد الله - حفظه الله - يحرص أن تصل الخدمة للفقراء والضعفاء وغير القادرين عن الدفاع عن أنفسهم، قبل أن تصل إلى المقتدرين أو من يملك الوسيلة للوصول إلى حقوقه ورفاهيته.
معالي الوزير: التربية والتعليم، الصحة، الشؤون الاجتماعية .. إنّ أطفال التوحّد ومتلازمة داوت هم الشريحة الأضعف غير قادرين على التعبير عن أنفسهم وما في دواخلهم، أو المطالبة بحقوقهم أو بث شكواهم، بل لا يستطيعون الكلام أو حتى الإيماءة، فيما يحتاجون إليه من أشيائهم الخاصة - خدمة أنفسهم - داخل بيوتهم ... لا يستطيعون العيش بلا رعاية أسرة ومجتمع دولة ففي الزمن القديم زمن الجهل كانوا يحملون الأطفال المعاقين ويلقون بهم في الأودية والغابات والصحاري لتأكلهم الوحوش المفترسة. وفي صحرائنا زمن الفقر والجهل والخوف كانت الجماعات ترحل عنهم ليبقوا فريسة للذئاب والضباع وقطعان الكلاب المسعورة .. هل قست القلوب وتجمّدت المشاعر في ذاك الزمن أم هي غفلة إدارية في زمننا نحن في هذه البلاد المباركة والطاهرة، وبيننا ملك عادل ورحيم تعمر داخله الإنسانية ويفيض بالمشاعر وحب الناس، لن يتخلى ملك بلادنا عبد الله بن عبد العزيز عن المعاقين، لأنّ هذه الفئة، فئة التوحّد ومتلازمة داوت والمعاقين الآخرين، هم جزء من هذا الشعب العظيم والعريق، لذا فمليكنا لن يتخلى عنهم حتى وإن غفلت وتجاهلتهم وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية، فهم يحتاجون مثل غيرهم الأسوياء والأقوياء مدرسة ومستشفى وضماناً يليق بكرامتهم، فآمال المعاقين بالله ثم بمليكهم آمال كبيرة بأن تشملهم خدمات وزارات الدولة.