تتفق جميع الأديان السماوية على صون النفس وضمان أمنها في الحياة.. {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}.. وجعل من أمر العيش وتحمُّل كل الصعاب من أجل الظفر بالحياة هو الواجب على الإنسان السوي فلا يرمي بنفسه للتهلكة.. ولا يلقي بنفسه أمام أعدائه ليظفر بالشهادة.. بل عليه أن يصارع من أجل البقاء بكل ما أُوتي من قوة.. ولا يجوز له أن ينهي معاناته مع المرض والألم مهما كانت قسوتها بالموت، لأن النفس معصومة.. ولا يأذن بخروجها من جسد صاحبها إلا خالقها.. بل إن موعد سلها من أصحابها قد يؤخره عمل حسن يؤديه الإنسان لصالح حياة الآخرين.. ومن ذلك أن الصدقات تطيل العمر، إذا كانت قيمة الحياة رفيعة متناهية في علوها عند الله سبحانه.. فلماذا إذن يظل بعض علمائنا يلوحون بالموت والقتل بين فينة وأخرى!؟
لن أتحدث عن أحكام واختلافات وآراء متعددة متسامحة ليست وليدة اليوم.. بل هي من الأثر المتواتر بين العلماء والأئمة.. ولن أتحدث عن أن النساء شقائق الرجال والمعنى القار في الفهم بأن الحياة مفتوحة لهما كما هي الآن.. فهل للنساء كون وأرض وسماء أخرى، هل كان يعجز الله سبحانه أن يخلق كونين أحدهما للنساء.. والآخر للرجال؟.. ألسنا نعيش معاً تحت السماء وفوق الأرض، الضوابط والاحترازات وسبل الأمان أراها ضرورية، ولا تثريب على من غالى فيها أو تساهل.. فالأمر فيه سماحة ويسر والخيارات مفتوحة ومتاحة.. ولكل امرئ أن يختار ما تبرأ به ذمته ذكراً كان أو أنثى، لكن عليه ألا يتجاوز بفرض وترجيح وتغليب رأي على آخر.
لماذا القتل.. ولماذا العودة مجدداً لثقافة الموت وتسهيل أمرها عند الناشئة والشباب الذي يبحث عن تبني أي قضية هرباً من الفراغ والبطالة؟
تحدثت يوم الأربعاء عن اتجاه الشيخ سلمان العودة الجديد وبث ثقافة الحياة..
حرية الرأي والاختيار مكفولة للجميع.. شرط ألا يكون هذا الاتجاه تحريضياً وموقظاً للفتنة التي تفرق المجتمع وتحرك عصبياته.
إننا في الداخل أقل دفعاً لضريبة مثل هذه الفتاوى, لكن أبناءنا وإخواننا الذين يدرسون في الخارج هم من سيدفع الثمن غالياً وباهظاً.. وسنقضي سنوات أخرى لتغيير تفكير المتحمسين من الشباب الذين يتلقون مثل هذه الفتاوى ويعدونها الكتاب الأخضر لهم.. وهذا هو الخطر الداهم الذي علينا مواجهته!! وحماية شبابنا من هذه الفتاوى المزهقة لأرواح الأبرياء؟