Al Jazirah NewsPaper Saturday  27/02/2010 G Issue 13666
السبت 13 ربيع الأول 1431   العدد  13666
 

دفق قلم
أهكذا تكون الحرَّة..؟
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

 

أين الحرية الحقيقية من هؤلاء النساء؟.. وكيف استطاع الشيطان أن يكسر حواجز الحياء، والخوف من الله، والكرامة، والعفّة في نفوسهنَّ؟، وبأي المعاول الهدّامة استطاعت الأوهام أن تحطم مراقبة الله في قلوبهنّ؟.. بل بأي المعاول استطاع التهاون، والضعف، وعدم المبالاة أن يقتل في نفوس عقلاء الأمة المسلمة رجالاً ونساء روح الغيرة على محارم الأمة، وروح إنكار هذا المنكر الذي بدأ يشيع بصورة مزعجة في صفوف نساء مسلمات ينتمين إلى أسر مسلمة ومجتمعات مسلمة، ودول مسلمة؟.

لقد تجاوزت بعض نساء المسلمين جميع الحدود التي رسمها الشرع الإسلامي الحكيم حماية لهنّ ولمجتمعهن وأمتهنّ، وأصبحت -بإصرارٍ- يخضن مستنقعات التبّرج والسفور، وينحدرن إلى مستويات من اللباس الخليع المكشوف لا ينحدر إليها إلا من مرضت قلوبهنّ مرضاً بائناً يحتاج إلى مبادرة ومباشرةٍ للعلاج.

بل إنهن قد تجاوزن الحدود التي ترسمها العقول السليمة والأعراف البشرية الكريمة، وترسمها إنسانية الإنسان السويّ الذي يعرف بعقله ووعيه المعروف وينكر المنكر.

ليتني لم أشاهد ذلك اللقاء «غير الخلقي» الذي أجراه مذيعٌ منسلخ من رجولته، مع كاتبة منسلخةٍ من أنوثتها، على شاشة قناة فضائية منسلخة من القيم والمبادئ، ليتني لم أشاهد ولم أسمع ما قيل في ذلك اللقاء «المشؤوم» الذي كان يستهدف بما طرح فيه من الأسئلة والإجابات الإساءة الواضحة الصارخة إلى الدين وتعاليمه وإلى الأخلاق الفاضلة، والقيم النبيلة، بل كان يستهدف استثارة الملتزمين والملتزمات بطرح ما يؤذيهم ويسخر منهم، ويصيب مكامن الغيرة على دينهم وبلادهم وأمتهم وفي صميم قلوبهم.

امرأة كاتبة من بلد إسلامي ترتدي لباساً يستحي منه التبرّج ويخجل منه العُري، وتتحدث بطريقة مستفزّة مائعة شديدة الميوعة مع فواصل من ضحكاتٍ خارجةٍ على قوانين «الحياء والأدب» ومذيع سيء الفكر متأنّث في طريقة كلامه، راصدٌ بعينيه الزرقاوين ذلك الجسد المبتذل الذي يجلس أمامه، محتفل كل الاحتفال بذلك الهذيان الذي يجري على لسان تلك الكاتبة.

حديث عن خروج المرأة بدون ضوابط، وعلاقاتها العاطفية بدون ضوابط، وممارساتها الجنسية بدون ضوابط، وكتاباتها الروائية بدون ضوابط، وأزيائها الفاضحة بدون ضوابط، امرأة منفلتة من قيمها ومبادئها، ورجل يستمع إليها باهتمام، ويدفعها إلى التهوّر فيما تقول باهتمام، محققاً ما يطمح إليه هو وقناته المقيّدة بالهوى من إحداث صدمات لأهل ذلك البلد المسلم الذي تنتمي إليها تلك المرأة التي استزلّها الشيطان.

أهكذا تكون الحرة التي تحترم نفسها وأخلاقها ومكانة أهلها؟

يا مجتمعات الإسلام العظيم، يا بلاد الخير والحق والخلق في عالمنا الإسلامي، إن هذه اللقاءات المنفلتة من ديننا وقيمنا التي تتفنّن بعض الفضائيات في عرضها على أنها صورة من صور الحرية المنشودة والتطور المنتظر، إنما هي نوع من أنواع الإرهاب الخلقي والفكري يستهدف تفجير صروح القيم والالتزام وحصون العفّة والكرامة، ولا يليق بنا أن نواجه هذا الإرهاب الخطير بالسكوت وعدم المبالاة والتهاون إلا إذا جاز لنا أن نفعل ذلك مع أنواع الإرهاب الأخرى التي تهدر الدّماء وتهدم البيوت وتروّع الآمنين.

أرجو أن نستشعر خطورة هذا الانحراف الخلقي والانجراف السلوكي الذي بدأت المجاهرة به من مسلمين ومسلمات يدّعون أنهم يدعون إلى الحرية وتطوير المجتمعات، وإنما يدعون -في الحقيقة- إلى سوء النهايات التي ستكون نتيجة حتمية لسوء البدايات إن تركنا حبل الأمور على غاربها.

إشارة:

لكّ الله يا صوت الضمير فإنني

بأجنحة الحب الكبير أطيرُ


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد