Al Jazirah NewsPaper Saturday  27/02/2010 G Issue 13666
السبت 13 ربيع الأول 1431   العدد  13666
 
بعد تهاوي السوق مطلع 2006
موسم الهجرة من الأسهم.. الفارون يستظلون بالعقار والصناعة

 

الجزيرة - فهد الشملاني

شكَّل انهيار سوق المال السعودي منذ فبراير 2006 نقطة تحول مفصلية للمستثمرين بشكل عام.. فبعد ربيع الأرباح التي امتدت لسنوات أتت سنوات الهبوط الحاد لتمسحها مع نسب كبيرة من رؤوس أموالهم.. مما حدا البعض للبحث عن فرص جديدة تعوضهم بعض ما خسروه.. وعلى اعتبار أن الحاضن الآخر للاستثمار بالاقتصاد السعودي العقار.. فقد اتجه الكثيرون إليه بغرض التعويض في الوقت الذي كان السوق المالي يعيش أسوأ مراحله ويبحث عن الاستقرار.. فكان انتقال السيولة للعقار أمراً حتمياً ومع ارتفاع الإنفاق الحكومي وزيادة الأسعار والسلع كان للقطاع الصناعي دور بارز بجذب الأموال وتوجيه الاستثمارات لتأسيس شركات صناعية تقوم بسد حاجة الاقتصاد للعديد من السلع.. ولكن تلك الجهود كانت بحاجة لدعم حكومي يضمن حداً مقبولاً لنجاح تلك التوجهات.

البحث عن بدائل

قامت العديد من الجهات التنظيمية في البحث عن طرح فرص استثمارية جديدة لمشاريع عملاقة وصغيرة تكون متاحة أمام المستثمرين السعوديين والأجانب، حيث قامت هيئة الاستثمار بالتعاون مع أحد المراكز الاستشارية بعد أزمة سوق المال بمسح شامل للفرص الاستثمارية المتاحة في جميع مناطق المملكة، وأفضى المسح عن إيجاد حوالي 250 فرصة استثمارية لمشاريع يستطيع المستثمرون استغلالها والاستثمار فيها تتوزع على النشاطات القائمة على المعروفة مثل صناعة البتر وكيماويات، السياحة، النقل، قطاع الطاقة والكهرباء، والتكنولوجيا، والعقار الاستفادة من الميزات النسبية التي تتمتع بها مناطق المملكة، وارتفعت على أثرها التدفقات الاستثمارية الأجنبية إلى المملكة بنسبة تفوق 50%.. فيما بلغ ارتفاع نسبة نمو الصناعات المحلية حوالي 25%.

وأكدت الإحصائيات أن المجال العقاري حظي بنصيب وافر من تدفق الأموال الاستثمارية بعد انهيار الأسهم، واحتل المرتبة الأولى في جذب الاستثمارات الصغيرة والمتوسط، حيث بلغ حجم نموه خلال أربع سنوات حوالي 28%.. ومن بين المؤشرات الدَّالة على نمو هذا النشاط عدد تراخيص البناء الصادرة الذي يُقدر بحوالي 37.000 رخصة كل عام خلال تلك الفترة.. وكان التوجه للقطاع العقاري شبيهاً بالتركز المالي الذي صاحب السوق المالي.. مما رفع مستويات أسعار العقارات بشكل كبير جداً.. ودعمت تلك الارتفاعات بتقارير تتحدث عن حاجة السوق إلى أكثر من ترليون ريال حتى العام 2015 حيث يقدر الاحتياج السنوي لبناء المنازل بحوالي 200 ألف وحدة سنوياً.. إلا أن هذه الارتفاعات الكبيرة أوجدت فقاعة سعرية أجبرت السوق العقاري على الركود بالفترة الحالية بعد أن تم تدوير مئات المليارات فيه دون أن يظهر أي أثر لتلك التقارير حتى الآن رغم تأسيس عشرات الشركات بمجال التطوير والتمويل العقاري.. لكنها تبقى مقيدة الحركة إلى حيث صدور الأنظمة التي تعزز من قوة نشاطه.. فيما جاءت الأزمة العالمية لتؤثر على سير التدفقات المالية له.

قطاع الصناعة بديل آخر

ويأتي المجال الصناعي في الترتيب الثاني من حيث جذب المستثمرين الذين نفذوا بقليل من أموالهم من سوق الأسهم أو المستثمرين الجدد، ومن المؤشرات الدالة على توجه المستثمرين إلى هذا القطاع ارتفاع نسبة نمو المصانع الوطنية بحوالي 26% خلال السنوات الأربع الماضية من حوالي 3200 إلى 4400 مصنع، وشهد قطاع الصناعات التحويلية بالمملكة نمواً جيداً خلال العام الذي تلا عام انهيار الأسهم، بلغ معدل النمو الحقيقي 8.6%.. كما تطور إسهام القطاع الصناعي في إجمالي الناتج المحلي بشكل ملحوظ مما يعكس قوة نمو هذا القطاع، إذ بلغت المساهمة النسبية لهذا القطاع في الناتج المحلي غير النفطي حوالي 13.6%.. وأسهم القطاع الصناعي بشكل كبير في زيادة صادرات المملكة من السلع غير البترولية والتي ارتفعت في العام نفسه بمعدل 24.9%.

وفي مجال الاستثمارات العملاقة نشط قطاع التعدين خلال الفترة نفسها بشكل ملحوظ تمشياً مع توجهات المملكة والتي تسعى إلى استقطاب استثمارات جديدة في مجال صناعة المعادن.. واستقطبت حوالي 80 مليار ريال.. فيما احتل المرتبة الثالثة في استقطاب الاستمارات قطاع تجارة التجزئة الذي نما خلال الفترة نفسها بواقع 6%.. وتجاوز حجم تجارة التجزئة حاجز 90 مليار ريال، حيث بلغ معدل النمو في قطاع الأدوات المنزلية 5.6%.. مقابل 6.4% لقطاع الفنادق و7.4%.. لقطاع الملابس والإلكترونيات والأثاث والأحذية.. أما القطاع الزراعي فخيَّم عليه ركود نسبي خلال الأعوام المذكورة، فظل خارج دائرة القطاعات النشطة ولم يسجل نمواً يذكر.

وأرجع مستثمرون وخبراء زراعيون أسباب عدم وجود استثمارات زراعية جديدة إلى تعرض المستثمرين إلى خسائر في سوق الأسهم والارتفاع في أسعار العقارات.. وبالرغم من مرور أربع سنوات على ذكرى تهاوي سوق المال إلا أن المستثمرين يبقون في دائرة مغلقة للاستثمار.. فمن هناك خرجوا إلى السوق العقاري.. ثم الصناعي والخدمي.. ولكنهم يتنقلون ضمن قنوات استثمارية تقليدية ما يلبثون أن يخرجوا من واحدة حتى يأتي الدور على أخرى دون حسابات دقيقة لعامل المخاطرة نتيجة لبعد الكثيرين عن أصول التعامل الحقيقي القائم على دراسة الفرص بمنهج الاستثمار العلمي واعتمادهم على التقديرات الشخصية التي غالباً ما تحكمها العاطفة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد