Al Jazirah NewsPaper Saturday  27/02/2010 G Issue 13666
السبت 13 ربيع الأول 1431   العدد  13666
 
جامعاتنا.. خطوات نحو الاعتماد والجودة (5-5)
تصنيفات مهمة.. ولكن!
د.زيد المحيميد

 

ذكرنا في المقالة السابقة - باختصار - نماذج من الأداء الجامعي المتفوق، ونختم هذه المقالة بذكر بعض الآراء والتوصيات التي تم بلورتها بعد اطلاعي على بعض الكتب والمؤتمرات الدولية وبعض المقالات الجادة واستشارة بعض

المختصين والأكاديميين، التي لها علاقة بموضوع الاعتماد والجودة. وأنا أكتب هذه المقالة في سياق حصول جامعاتنا على مراتب متباينة في تصنيف (ويبو ماتركس الإلكتروني www.webmetrics.info)؛ حيث تُعتبر البوابة الإلكترونية للجامعات إحدى الخطوات الجادة - في نظري - نحو الاعتماد والجودة، وهي مرآة حقيقية تعكس بعض أبعاد جودتها.. ومن جهة أخرى، إذا أرادت جامعاتنا أن تحقق إنجازًا أكاديميًّا حقيقيًّا فعليها أن تلتفت إلى تصنيفات عالمية أخرى أكثر أهمية من (ويبو ماتركس الإلكتروني)، ومثال ذلك تصنيف شنجهاي الصيني الدقيق؛ نظرًا إلى المقومات الموضوعية التي يرتكز عليها ذلك التصنيف؛ إذ يحتوي على خمسة معايير رئيسة، ومن هذه المعايير: نوعية التعليم، ويتضمن حصول خريجي المؤسسة التعليمية الجاري تقويمها، وكذلك الأعضاء العاملون في المؤسسة نفسها، على جائزة نوبل. ثم نوعية المؤسسة من حيث الإسناد للباحثين فيها في 21 مجالاً. والمعيار الثالث يتمثل في نتائج البحث العلمي من حيث الأبحاث المنجزة في مجالي العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية. ثم المعيار الأخير وهو النصاب في الأداء الأكاديمي؛ ولهذا فإن جامعة طوكيو احتلت المرتبة الـ19 في هذا التصنيف على مستوى العالم، بينما لم تحقق أي جامعة صينية هذا المستوى. وهذا يشير إلى رغبة الصين في تبني تصنيف موضوعي للجامعات والبحث عن سُبُل التقدم الحقيقي لجامعاتها. وتجدر الإشارة هنا إلى عدم تحقيق أي جامعة عربية أي مرتبة ضمن أفضل 500 في تصنيف شنجهاي حتى الآن، بل إن أفضل 100 جامعة على مستوى قارة آسيا لم يكن من بينها أي جامعة عربية، وهذا موقع التصنيف (www.arwu.org) (بتصرف: جريدة المدينة، الأربعاء 4 نوفمبر 2009 للدكتور مصلح معيض).

ومن هذا المنطلق فإنه يمكن القول إن بعض الاعتمادات الأكاديمية قد تكون أكثر أهمية من البعض الآخر، ومن ذلك الجهد الملموس الذي بُذل من كلية الهندسة بجامعة القصيم للحصول على الاعتماد الأكاديمي من هيئة ABET - كما هو متوقع خلال فترة قريبة كما أكد لي الأستاذ الدكتور سليمان اليحيى عميد كلية الهندسة في الجامعة - هو على درجة كبيرة من الأهمية فيما يتعلق بمعايير الجودة الأكاديمية من أي جهد قد تبذله الجامعة نفسها للحصول على مركز متقدم في تصنيف ويبو ماتركس الإلكتروني.

وسوف أذكر بعض النقاط، إضافة إلى النقاط التي أضفتها في المقالات السابقة، التي قد تكون مفعلة في بعض الجامعات الذكية، وهي عبارة عن ابتكار بعض المناشط في محيط التعليم العالي لتحقيق التعاون والفائدة لجامعاتنا المحلية والانطلاق نحو الاعتماد والجودة. ومن تلك المناشط:

تأسيس كيان مؤسسي للرعاية المستدامة لأصحاب القدرات غير العادية لطلابنا في جامعاتنا عن طريق عملية منظمة وبرنامج شامل.

إجراء الندوات والملتقيات المستمرة والدورية لمناقشة مسائل وتحديات التعليم العالي في جامعاتنا، ومن الممكن دعوة بعض الخبراء من خارج المملكة وداخلها، وبث روح جديدة تحرك الجميع لهدف واحد هو تطوير جامعاتنا.

وجود معايير واضحة تطبق على كل الجامعات، يتم من خلالها اختيار الكفاءات للمناصب القيادية المؤثرة في جامعاتنا بعيدا عن المجاملات والعلاقات والتحيز التي نراها الآن، خاصة في الجامعات الجديدة؛ حيث يجب أن تكون بناء على مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم الإدارية ومهاراتهم القيادية..

وجود تكامل بين جامعاتنا في مجالات البحث العلمي، ومن ذلك يمكن أن يكون هناك مجلة علمية متخصصة، على الأقل واحدة وغير مكررة، في إحدى الجامعات؛ حيث تقبل بحوثا علمية من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات المحلية الأخرى في مجال علمي واحد..

دعم مراكز متخصصة تتواجد في بعض جامعاتنا لتحسين تدريس العلوم والرياضيات في التعليم العام.. وإيجاد مركز لاكتشاف الموهوبين في الفيزياء والرياضيات لعمل آلية معينة لصناعاتهم، سواء أعضاء هيئة تدريس في جامعاتنا أو بعض الجهات الأخرى في بلادنا..

تبني العقليات البحثية البارزة من أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا، وبحث آلية واضحة للتكامل فيما بينهم..

عقد ملتقى سنوي لعرض التجارب الناجحة في الاعتماد الأكاديمي الدولي والمحلي..

إعادة نشر الأبحاث المتميزة لأعضاء هيئة التدريس، المنشورة في مجلات عالمية، بمجلة تنشر سنوياً، أو الحاصلين على جوائز دولية في مجال أبحاثهم. ولقد سرني حصول الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الحميد - عميد كلية الزراعة والطب البيطري بجامعة القصيم - على جائزة دولية (خليفة الدولية)، التي بموجبها حصل على لقب الشخصية العالمية المؤثرة في مجال زراعة النخيل وإنتاج التمور لعام 2010م؛ نظرًا إلى أعماله المتعددة والمتميزة في مجال النخيل والتمور..

إقامة معرض دولي سنوي لأفضل 300 جامعة حصلت على أحد التصنيفات العالمية، وعلى سبيل المثال تصنيف (التايمز كيو إس للتعليم العالي والجامعات العالمية) للعام 2009م؛ حيث يقام ذلك المعرض في سنة 2010م، وهكذا.. ومن الممكن الاستفادة من تجارب تلك الجامعات الرائدة من قبل جامعاتنا المحلية. علما بأن جامعة الملك فهد للبترول والمعادن احتلت في ذلك التصنيف المرتبة الـ338 عالمياً، بين أكثر من ثلاثين ألف جامعة ومؤسسة تعليمية للتعليم العالي لعام 2008م (جريدة الشرق الأوسط، 21 مارس 2009م، العدد 11071).

إن المعرض الدولي للتعليم العالي الذي نظمته وزارة التعليم العالي، برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله -، دليل قوي على الرغبة الملحة لوزارة التعليم العالي لقيادة الجامعات السعودية نحو اتجاهات وأهداف عالية لتحقيق الريادة العالمية.. فهل نرى تلك الثقافة الجديدة تؤتي ثمارها في جامعاتنا المحلية؟ نعم.. هنالك مؤشرات كثيرة تدعونا إلى التفاؤل.

عضو هيئة تدريس في جامعة القصيم


(ksapr006@yahoo.com)

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد