Al Jazirah NewsPaper Friday  26/02/2010 G Issue 13665
الجمعة 12 ربيع الأول 1431   العدد  13665
 
في رثاء الشيخ محمد بن سعد الأحيدب
عمر بن عبدالله بن مشاري المشاري (*)

 

فقدُ الصالحين تحزنُ له أفئدة المحبين، والموت سنَّةٌ مكتوبةٌ وطريقٌ مسلوكٌ لنْ ينجو منه أحدٌ قال تعالى ? كلُّ نفسٍ ذائقة الموت? الآية وكل من عليها فان قال تعالى ?كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ?، إنَّ الفجيعة حينما يغيّب الموت الصالحين الذين لهم أثرٌ محمودٌ في نشر الفضيلة بالدعوة إلى الله تعالى، وعندما علمتُ بوفاة عميد أسرة الأحيدب الشيخ محمد بن سعد الأحيدب - المرشد الديني في الحرس الوطني سابقاً - رحمه الله - استذكرتُ لقاءاتي به، إذ عرفتُه رجلاً كريماً فاضلَ الأخلاق، كنتُ إذا التقيتُ به يُصرُّ ويُلحُّ طالباً زيارتَه في منزله، وكذلك عرفتُه حريصاً على تربية أبنائه التربيةَ الصالحة ويبذل ما بوسعه جاهداً في توجيههم وإرشادهم كما كان - رحمه الله - لا يألو جهداً في بذل النصح والتوجيه للناس وتذكيرهم بالله تعالى فقد رأيتُه وسمعتُ توجيهه الطيب في أحد المساجد القريبة منْ بيته، ولقد كانت تلك الكلمة الإرشاديَّة كأنما تصبُّ في القلوب صبَّاً، إذ ما يخرج من القلب فمستقره القلب ونحسبه والله حسيبه من أهل الإخلاص في الدعوة إلى الله تعالى، الإخلاصُ الذي هو المفتاح لأبواب القلوب، كما كان يعطف على المسكين ويتواضع له ولقد رأيته ذات يومٍ في المخبز القريب من بيته فإذا به يستدعي أحدَ العاملين فيه ليعطيه ما فضل لديه من رطب طيَّب، ففرح العامل وشكر الله له، ومنْ عظيم حرصه -رحمه الله- على صلة أقاربه وجماعته وأهل بلده ومعارفه كونُه متواجداً في كل مناسبة ولم أرَ من أسرته كمثله في ذلك، وإني أستبشر له خيراً في آخرته من كثرة ما سمعت وقرأتُ عنه فلم أجد إلا مثنياً خيراً وآسفاً لفقده، ففقد الرجال الصالحين الذين لهم حضورهم يحزن الفؤاد، والكمَّلُ من الرجال منْ تجدُ لهم في كل مكان يحلونه أثراً طيباً محموداً، فهو لدى جيرانه وفي وظيفته وبين جماعته وأسرته وأهل بلده -جلاجل في سدير- محلُّ تقدير وإجلال ومحبَّة وثناء، نعم لقد كان حيَّا حياة طيبة لما يتمتع به من أخلاق فاضلة التي هي من أعظم وأجلِّ الأعمال الصالحة، ولقد رأيته أكثر من مرة خارجاً من المسجد بعد إشراق الشمس، والذي يظهر لي أنَّ هذا ديدنه دائماً، وآخر مرة التقيتُ به قبيل وفاته بقرابة عشرة أيَّام تقريباً وذلك في أحد المحلات التجارية فسلمتُ عليه وقبَّلتُ جبينه، فهشَّ بي ورحَّب وغمرني بطيبِ أخلاقه ونبله ودعاني لزيارته كما هي عادته ولم نكنْ نعلم أنها آخر مرة نلتقي بها في الحياة الدنيا إذ كان على موعدٍ لا يستأخر عنه ولا يستقدم، فسافر لأداء العمرة وتوجَّه عقبها إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وفي طريقه إليها وهو يصلي النافلة في السيارة حدث له حادثٌ وفاضتْ روحه إلى خالقها وباريها سبحانه وتعالى، وأحسبُ أنَّ خُتم له بخير بعد عمرة وهو يصلي فهنيئاً له تلك الخاتمة الحسنة وأخلفه في أهله خيراً وأدخله الله الفردوس الأعلى في الجنة وبارك في أهل بيته وذريته وجمعنا به في مستقرِّ رحمته آمين.

(*)خطيب جامع بلدة الداخلة في سدير


Mashri22@gamil.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد