الحقيقة أن معرفتي بالمديرية العامة للمطبوعات التابعة للإعلام الداخلي بوزارة الثقافة والإعلام لا يتعدى ما يذكره لي الزملاء ممن لهم تجربة أو طلب يرتبط بهذه الإدارة، إلا أن فضولي دفعني للبحث وقراءة ما جاء في التعريف بها في موقع الوزارة بأنها من الإدارات المهمة والنشطة، تتولى مهمة رقابة مضامين كل أوعية المعلومات الإعلامية وتطبيق نظام المطبوعات والنشر ولائحته التنفيذية وما يتبعه من تعليمات وتوجيهات وتطبيق نظام المؤسسات الصحفية ولائحته التنفيذية، وإصدار التراخيص الإعلامية لممارسة الأنشطة الإعلامية المتخلفة، كما تقوم المديرية وفروعها البالغ عددها (28) فرعاً بحملات تفتيش ميدانية على المحلات الإعلامية المرخصة في المملكة... انتهى
ومع قناعاتي بما جاء في التعريف السابق لهذه الإدارة مع ما تقوم به من جهود لا تتسع المساحة لذكرها، فإنني أقف عند جملة (رقابة مضامين كل أوعية المعلومات الإعلامية) التي جعلتنا نبحث عن معنى أكثر تفسيرا لكلمة (مضامين) إذا استثنينا ما يتعلق بالأمور التي نجمع عليها وفي مقدمتها المساس بالدين أو التشهير بالآخرين، وكما اعلم أن الإدارة تحرص على ألا تتم طباعة أي مادة تخص اسما معينا أو صورة أو لوحة إلا بموافقة صاحبها أو من أشير إليه في الكتاب أو الإصدار وهذا أمر نتفق عليه جميعا، لكن ما يمكن السؤال عنه هو.. ما الذي يتم القيام به حيال مستوى ما ينشر أو يطبع..؟ باعتباره عملا فكريا لأي من سبل التعبير والإبداعات كالشعر والرواية والقصص والتوثيق والتاريخ إلى آخر المنظومة مع ثقتنا بأن الإخوة في الإدارة حريصون على أن يكون الإصدار نافعاً ودقيقاً ومؤثراً بالإيجاب في المجتمع العام ومؤديا للغرض في جانب الاختصاص.
كما لا نختلف على أن الحرص مهما بلغ من التركيز والتدقيق والتمحيص لا يمكن أن يبلغ مداه ويرضي العموم نتيجة اختلاف الآراء ووجهات النظر من المتلقي ومنها ما يتعلق بإصدارات مجالنا التشكيلي الذي لا يقل أهمية عن أي إصدار إذا علمنا انه لن يكون هناك راض عن كثير مما ينشر، وهذا أمر طبيعي في حال قبول المؤلف الرأي والنقد بروح رياضية ليستفيد منها عند إعادة طباعة إصداره، كما أنه ليس من الممكن أن يكون الإخوة في الإدارة ملمين بكل الفنون والإبداعات ومنها الإصدارات التشكيلية.
ومن هنا ولئلا يصدر من الكتب التشكيلية ما قد يسيء أكثر مما يفيد ولئلا تبتلى الساحة بكتب يجمع مؤلفوها مادتها من مصادر غير موثقة أو غير صحيحة فتحدث ضبابية ومغالطة في فهم حقيقة الفن التشكيلي السعودي أمام القارئ المحلي أو العربي أو الأجنبي بما قد يذكر فيها من أسماء هواة يضفي عليهم المديح، ويمنحون صفة الفنانين أو الفنانات مع أن مشاركتهم أو حضورهم لا يضعهم في مصاف أصحاب التجارب الحقيقية التي تمثل ما وصل إليه هذا الفن من تطور ينافس الفنون العالمية المعاصرة، مع ما يمكن أن ينشر لهم من صور للوحات هي اقرب للفن الساذج منها للمستوى الراقي الذي تمثله نخبة من الأعمال لفنانين معروفين ببصمتهم وأساليبهم، فالواقع الذي تعيشه الساحة التشكيلية الخالي من تلك الشوائب يمكن الحفاظ عليه بالتأني والتأكد من أي إصدار يمكن أن يسئ إليه، وأن يقدم مستوى إصدارات تستحق أن تمثل حقيقة هذا الفن ونعني بهذه الإصدارات ما يلامس ثوابت الساحة توثيقاً ونقد وتحلياً وقراءات للأعمال، التي تمثل مرجعاً مهماً يبنى عليه مستقبل هذا الفن.
لهذا اقترح أن تقام جسور تعاون بين المديرية العامة للمطبوعات وبين الجمعية السعودية للفنون التشكيلية التي أنشئت بقرار وزاري؛ لتكون في جانب إجازة أي من هذه الإصدارات التي تقدم للإدارة لتقوم الجمعية بدورها بتشكيل لجنة علمية من الأكاديميين ومن أصحاب الخبرات كما جاء في النظام الأساسي للجمعية، ليعطى خبز التشكيليين لخبازه لعلمهم بما يمكن أن يتوافق مع متطلب الحركة التشكيلية التي يعنيها مثل هذه الإصدارات.
مؤكدين أن في التعاون بين الإدارة وبين جمعية التشكيليين ما يريح المديرية ويحمل الجمعية مسؤولية ما ينشر في هذا المجال أمام أي اعتراض أو نقد أو تدني مستوى، إضافة إلى ضمان نتائج ما يتم إصداره تسويقا وفائدة تقنية أو فكرية، مقدرين كل جهد مهما شابه القصور فليس كل مجتهد مصيب.
monif@hotmail.com